كتبتُ في الصحف وفي بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية عن برنامج إذا ذكِر في مجالسنا فإن الأكثرية الساحقة يسمونه برنامج المهزلة والاستنزاف للأموال ، بل وهناك من يسميه برنامج الضحك على الذقون والتسحيب.. إلخ ! برأيي لاأسميه برنامج (شاعر المليون) بل مسرحية ، وإن شئت قل: (مسلسل شاعر المليون)،الذي يُعَد ويُطبَخ الجزء الرابع منه هذه الأيام. هذا البرنامج الذي يبدأ وينتهي كل عام ، ولاتنتهي ولا تهدأ الزوبعة التي تصاحبه ، فهو مثير ومهيج لمن يمشي خلفه ويقيم له اعتباراً . هذا البرنامج من وجهة نظري مثير وخطير.. مثير كونه (من حيث الظاهر فقط) سباق بين شعراء، يتنافسون في الشعر جزالة وقوة وتصويراً.. إلخ ، ولكنه خطير من حيث أنه لا يخلو من عنصرية قبلية وهذا لا جدال حوله. وخطير من حيث إنه استنزاف للمال بغير حق، وصرف للمال في سبيل الشيطان، وهل الدعوة للعنصرية إلا سبيل من سبل الشيطان؟ فقد خرج من أولى حلقاته عن دعوته (الظاهرية) وانكشفت حقيقته بعد أن طالت حلقاته لدرجة أن الملل والضجر تعدى الجمهور والمشاهدين ووصل إلى المتسابقين أنفسهم،! برأيي إن هذا البرنامج وما شابهه يهدم ولا يبني، يؤخرولا يقدم، يسيء ولا يحسن. لا عجب حول كل ما سبق، إنما العجب والغرابة وعلامات الاستفهام التي لا حصر لها تنبع من الضجة التي يثيرها الكثير منا حول نهاية البرنامج، بل ويصل الأمر إلى استخدام وتوظيف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في نقد البرنامج والقائمين عليه، وكأن هؤلاء الناقدين (الناقمين) عليه لم يعلموا مسبقاً بآليته أو نظامه! وكأن هؤلاء الساخطين عليه وعلى (الرابحين) من ورائه، لم يعلموا أو يسمعوا عن (حُرمة التصويت) له برسائل باهظة التكاليف!! الحقيقة إنها سكرة هوى، وعاطفة غير موجهة بشكل صحيح وصائب، وعندما يحصل ما يحصل، ولا تجري الأمور كما يريد هؤلاء الغاضبون، ويفوز مَن يفوز، ويخسر من يخسر، تصحو (الأمة) من غفوتها، ويبدأ أبناء هذا البلد العظيم، العظيم بمقدساته ، والعظيم بعلمائه الأفذاذ ، والعظيم بتراثه الضارب في التاريخ ، الوطن الذي يحوي شعراء قمم في عالم الشعر، لا يشق لهم غبار، شهد ويشهد لهم (العارفون) بالشعر أنهم لا يحتاجون إلى (شاعر مليون) أو بليون ليشهد لهم على تربعهم على قمة الشعر الشعبي في الجزيرة العربية برمتها، بل وفي العالم العربي أجمع. كيف فات على مَن اشترك في هذا البرنامج سواءً من الشعراء أو المصوتين عور وخلل عظيم في طريقة هذه المسابقة أو نظامها ألا وهو احتساب نسبة عالية للتصويت عن طريق رسائل SMS، وأنت وقدرتك المادية وقبلها (العقلية)! أنا لا أقلل من قدر فائز وأعلي من شأن مهزوم ولا العكس، بل إني أسعى وأدعو إلى تحكيم العقل وقبل ذلك الخوف من الله العلي العظيم باجتناب ما نهى عنه من تبذير للمال وصرفه في غير وجه شرعي . ألم يكن الأفضل والأولى لمن صوّت لهذا أو ذاك في هذا البرنامج وغيره أن يُرسلوا رسائلهم لدعم (إخوانهم) مرضى الفشل الكلوي، أو غيرهم؛ فأبواب الخير كثيرة ومشرعة، لكن مَن يأتيها؟ ما فات فات، وكل ما هو آت آت، فهل نرى صحوة فكرية عقلية من تلك السكرة (العاطفية) الناتجة من متابعة هذا الهراء من قبل شريحة كبيرة منا ؟؟ إشارة : سُمي العقل عقلاً لأنه يعقل أي( يحبس ) صاحبه عن السقوط في المهالك. عبدالله بن إبراهيم بن حمد البريدي. [email protected]