لعل حديث كثير من الناس هذه الأيام لا يخلو من موضوع دمج التلاميذ من الجنسين في الصفوف الأولية والذي قوبل بالرفض من شريحة كبرى وعلى رأسهم التربويون وبالتأييد والتحفظ من الشريحة المتبقية مع العلم أن أغلب الدراسات التربوية لا تحبذ هذه الفكرة ، فهناك دراسة تربوية في ألمانيا أفادت بأنّ الاختلاط في المدارس يعيق تفوق البنات, وخاصة في المواد العلمية, وذلك لما يسببه وجود الأولاد من اضطرابات تصيب البنات مما يمنعهن من التركيز والانتباه, فصارت أكثر نداءات التربويين في مقاطعات عدة من ألمانيا بضرورة الفصل بين الذكور والإناث. وكما قامت مدرسة شنفليد الثانوية في مقاطعة إيسكس البريطانية بتنظيم فصول تضم طلابا من جنس واحد, وكانت النتيجة تحسن متواصل لدى الجنسين, وكما أعلنت الحكومة الأمريكية بسبب كثير من الدراسات المتشابهة بتشجيعها لمشروع فصل في المدارس العامة. . و الغريب هنا هو طرح الوزارة لهذا القرار بعد بدأ الدوام الدراسي وقد يكون لطرح هذا القرار في هذا التوقيت له أهداف أخرى كإشغال رأي الشارع عن قضايا التربية الرئيسية كمكافحة أنفلونزا الخنازير والتعيينات والمستويات وغير ذلك من قضايا التربية . ورأيي ورأي غيري لا يقدم ولا يؤخر حول هذا الموضوع أو غيره من قضايا وزارة التربية ، فهم اعتادوا تهميش الرأي الأخر فتجد معظم مشاريع الوزارة التعليمية فردية الفكرة وأحادية الرأي من قبل بضعة أشخاص يضعون مشاريع لبضعة ملايين من البشر وفي النهاية تقابل هذه المشاريع بالفشل بل أن أول من يحكم عليها بالفشل هم منسوبيها من مشرفين ومعلمين وغيرهم حيث أن كثير من المشاريع هي ( مسروقة الفكرة ) من دول أخرى والبعض منها قد تم إلغاؤه لعدم جدواه ، فحتى فالسرقة الفكرية فشلت فيها أيضا . كنت أتمنى أن تفكر الوزارة في تطوير المناهج الدراسية ووسائل ومصادر التعلم وفي وضع فصول نموذجية لا يتجاوز عدد التلاميذ فيها العشرون تلميذا ، وفي تطوير منسوبيها بالدورات والخبرات و في التركيز على ما يخدم العملية التعليمية وليس ما يخدم العملية التقليدية والمحاكاة لدول وشعوب أخرى. وليست القضية هي قضية التقليد الحالية بدمج الصفوف الأولية فقط ولكن المشكلة هي تخبطات الوزارة المستمرة والاهتمام بالقشور وترك اللب ( الطالب ). ** استمرار وزارة التربية في تهميش أساس العملية التعليمة ( الطالب – المعلم- المنهج) هو بلا شك يدفع الناس لفقد الثقة فيها ، فمن المفترض أن تكون عينة الدراسة والبحث هي مدارس المملكة وليس بالمعنى الصحيح أن كل طريقة نجحت في اليابان أوفي أوربا أنها ستنجح في المملكة وإلى أن ترجع الوزارة إلى صوابها أرجو عدم استيراد ( سرق ) الأفكار التي تم إلغاؤها في دول أخرى لعد جدواها واحتكار ( السرق ) الاستيراد على ما يزال سائر المفعول في تلك الدول التي أثقلت كاهل الوزارة في الانتدابات وغير ذلك من مصاريف . والمعذرة على كلمة ( سرق) وذلك لأن الوزارة تقدم هذه المشاريع ويتبناها منسوبيها وكأن هذه المشاريع هي من نتاجهم ومن بنات أفكارهم بل حتى أن هذه المشاريع لا يتم تعديل شيء فيها بالتطوير والتحسين فهي تشبه كثيرا عملية النسخ واللصق في المنتديات الإلكترونية . محمد آل مشوط محرر ثقافي بصحيفة عكاظ