عندما تتجول في أحد الشوارع بالمملكة يلفت انتباهك كثرة اللوحات التي كتب عليها ( كبدة حاشي) أو ( مضغوط حاشي ) أو تجد لوحة رسمت عليها صورة ( قعود) والقعود لمن لا يعرفه هو ابن الناقة ويسمى قعود أو (حاشي) وربما جائت كلمة حاشي من كون الجمل في أول سنتين من حياته يكون محشوا باللحم والشحم – وهذا مجرد اجتهاد شخصي ليس إلا – ويطلق هذا اللقب على صغير الإبل الذكر من بداية مجيئة إلى الدنيا حتى وصوله إلى إكمالة عامين ونصف تقريبا أما ما بعد مرحلة البلوغ والتي يندر أن يمتد عمره طويلا بعدها خصوصا لدينا في المملكة فيسمى (حق) بكسر الحاء. والسبب في كون عمره لايمتد طويلا هو إقبال الناس على لحمه فلحم الحاشي أصبح من أحب اللحوم عند الكثير من السعوديين , فتجد البوفيهات التي تعد كبدة الحاشي في الصباح مكتظة بالزبائن , وكذلك هو الحال في محال بيع اللحوم الطازجة - المجازر - ومثل ذلك أيضا المطاعم المتخصصة في ( مضغوط الحاشي) فتجد الزبائن يصطفون عندها لوقت طويل كاصطفاف المعتمرين والحجاج عند الحجر الأسود فتجد الزبون واقف بجوار ( كونتر) دفع الحساب واضعا راحة يده اليمنى على بطنه ويحركها بشكل دائري منتظرا نصيبه من ( لحم الحاشي ) ولم يعد يطربه شيء أكثر من سماعة لصافرة قدر الضغط التي تحتوي على أجزاء متفرقة من ذلك الحاشي المسكين الذي كثرت سكاكينه و تداعى الأكله عليه من كل مكان مع أنه لا زال قاصرا , وتطور النهم والجشع حتى أصبح الكثير من السعوديين لا يهنأ لهم بال ولا تكتمل فرحتهم وسعادتهم حتى يروا الحاشي بالكامل في الصحن أمام أعينيهم !! وقد بدأ ينتشر مثل هذا التصرف - أي طبخ الجمل كاملا دون تقطيع - في المناسبات المختلفة بدعوى إكرام الضيف وربما لو دخل فقير على صاحب الوليمة وطلب منه خمسين ريالا لتجهم في وجهه وطالب بإخراجه وإبعاده فورا - اللهم لاتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا- يارب. قرأت قبل أيام أن جمعية إنسان والمتخصصة في مجال رعاية الأيتام تشتكي من شح في الموارد بسبب الأزمة المالية العالمية وتعجبت كيف لهذا أن يحدث في بلد الخير والعطاء فأين أهل الكرم والبذل ألا يجدر بعشاق(( الحاشي)) أن يمسحوا على رأس اليتيم بدلا من مسحهم على ذلك ( النتوء البطني ). وفي الختام نتمنى من الله أن يجنبنا دعاء الثكالى من الإبل , فكم من ناقة كانت تنظر إلى صغيرها وتتمنى أن يصبح جملا يشارك في مسابقات الفحول الجميلة في القنوات الشعبية , وتطلق عليه الألقاب , وتكتب فيه الأشعار , ويتسابق المشاهدون إلى ترشيحه كأجمل فحل , ولكن القدر والقدر ( القدر الأولى بكسر القاف وتسكين الدال والثانية بفتحهما) حالا دون ذلك. محمد عمير سالم الغامدي [email protected]