صلوات للبيع! تستقبل جوالاتنا فيما تستقبل من دعايات تسويقية عشرات الرسائل ذات الطبيعة الدينية مثل الأدعية والتوجيهات الدينية ولكنها مدفوعة الثمن يدفع ثمنها المتلقي المتعطش والمحتاج روحيا وتذهب إلى جيوب أولئك الذين جعلوا من كل شيء سلعة تباع وتشترى. كل شيء في حياتنا تشيأ وأصبح سلعة ولكن أن يصل الأمر إلى الدين الذي يغذي الروح وينمي الأخلاق ليكون بفلوس مثله مثل أغنية أو نكته فهذا شيء في منتهى الغرابة و تمجه الأنفس الزكية التي اعتادت تلقي النصائح والتوجيهات الدينية قربةً لوجه الله ليس لدينار ولا درهم كما يحصل في وقتنا الحاضر. هناك قنوات فضائية تديرها مؤسسات تجارية ، ووكالات تتخذ من وسائل التقنية الحديثة كالرسائل النصية وغيرها أداة لتحقيق أغراض مادية مستغلة حاجة الإنسان إلى غذاء روحي ، فتقدمه له بمقابل مادي يدر عليها ملايين الريالات ... إن تجاوب الإنسان المسلم مع تلك الرسائل يدل على الحس الديني العميق، وتوق روحي إلى عوالم أكثر إشراقا ورحابة وصفاء و ينم عن وجود حاجة روحية تحتاج إلى إشباع بعيدا عن اللهاث اليومي المستعر في حياة جديدة بدأ يطغى فيها الجانب المادي. ولكن في ظل عدم وجود جهات غير ربحية تبث مثل هذه الرسائل الأخلاقية والروحية وتشبع تلك الحاجات مجانا ودون مقابل، أدرك الذين يعلمون من أين توكل الكتف، والذين يستغلون كل حاجة إنسانية ويحولونها إلى ريالات تستقر في أرصدتهم ، أن وسائل التقنية الحديثة يمكن أن تستثمر تلك الحاجات الروحانية وتحولها إلى منجم ذهب متخذين من الرسالة الدينية مغنما ومربحا.. صحيح أن هناك من يستخدم هذه الوسائل التقنية الحديثة لشفط أموال الناس من خلال مواد تافهة ومستهجنة بل ومحرمة، وهذا أسوأ بكثير، إلا أن تسويق المواد الدينية الراقية بأسلوب أخاذ يفترض أن لا تشوبه أي شائبة ناتجة عن لوثة المال خاصة إذا عرفنا أن قيمة الرسالة النصية الواحدة بخمسة ريالات.. هذا يحيلنا إلى مسألتين مهمتين وهما؛ أن التكسب بالدين عن طريق الدعوة والنصائح الدينية ينقص من جلاله وقدسيته، وأن هناك حاجة لدى الناس تحتاج لإشباع، فلماذا لا يكون هناك جهات غير ربحية مثل الجمعيات والمؤسسات الخيرية حكومية كانت أو غير حكومية تقدم مثل هذه الرسائل التوعوية مجانا لإشباع الحاجات والتطلعات الروحية ، حتى نسد الطريق على المتاجرين بالدين الذين يتلمسون احتياجات الناس ثم يبيعونهم ما يشبعها حتى لو كان شيئا ساميا لا يباع ولا يشترى .. عبد الله العرفج