بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله الكبير المتعال الذي يصطفى من الملائكة رسلاً , يخلق ما يشاء ويختار , وما كان لنا الخيرة من أمرنا , والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين وإمام المتقين صلاة وسلاماً أتمين دائمين ما تعاقب الليل والنهار وبعد / أبو بكر الصديق رضي الله عن الصديق وعن آله الأطهار الميامين رجل ذكره القرآن وأثنى عليه في مواطن عدة ( ثاني اثنين إذ هما في الغار ) وفيه أنزل الله مادحاً ( الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) [الليل:18 هو السباق في كل شئ في الجود بالمال والنفس والأهل في سبيل هذا الدين يدفع الغالي والنفيس نصرة لله ورسوله وما يبقي لأهله إلا الله ورسوله وأنعم بها وأكرم رجل بُشر بالجنة وهي حي على الأرض يمشي فيوم وُلي الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم خطب في المسلمين خطباء عصماء قال فيها \"لقد ولّيت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوّموني ، أطيعوني ما أطعت الله فيكم ورسوله ، فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم \" ولست بخيركم !!! ما أشد تواضعك يا أيها الأسيف إن لم تكن خير هذه الأمة فمن يكون ؟؟ وأنت الصاحب للنبي صلى الله عليه وسلم المصدق المؤمن بالله عز وجل أشد الإيمان وإن أسأت فقوموني ..!! لله درك يا أبا بكر فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ..!!! يا سبحان الله ما أظن رجلاً في إيمان أبي بكر يأمر بمعصية ,, بل وأجزم بذلك وكان يخرج لسانه ويقول : ( هذا الذي أوردني الموارد ) يالله أي موارد يا أبا بكر أوردك لسانك ؟؟ أوردك الذكر أوردك مدارج الفلاح فأي تواضع هذا يا صديق الأمة ... الأنصار قوم لهم في الإسلام دور عظيم لهم شرف عظيم أثنى عليهم الحق سبحانه وتعالى في قوله تعالى : {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤا الدَّارَ وَ الإيمَانَ من قَبلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَان بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَاُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ) بعد فتح مكة كانت غزوة الطائف , فغنم المسلمون فيها غنائماً عظاماً فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤلف قلوب قوم حديثي عهد بالإسلام من أكابر مكة والعرب , ووكل السابقين الأولين إلى إيمانهم فحزن السابقون الأولون من الأنصار وقالوا : لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة رضي الله عنه وحدث النبي بما في نفوس الأنصار رضوان الله عليهم فسأله الحبيب صلوات الله وسلامه عليه / فأين أنت من ذلك يا سعد ؟؟ أي ما موقفك يا سعد هل أنت مع قومك فيما قالوا ؟؟ صرحاء أنقياء أتقياء ما يعرفون الكذب ولا الخداع فقال : يا رسول الله ما أنا إلا من قومي فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمع له الأنصار فخطب فيهم خطبة عصماء ذكر فيها وعدد فضائل القوم فقال \"يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله؟ وعالة فأغناكم الله؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا بلى، الله ورسوله أمن وأفضل. ثم قال: ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قالوا: بماذا نجيبك يا رسول الله، لله ولرسوله المن والفضل. قال صلى الله عليه وسلم: أما والله لو شئتم لقلتم، فلصدقتم ولصُدقتم: آتيتنا مكذباً فصدقناك ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسيناك . أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فو الذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت إمرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. فبكى القوم حتى اختضلت لحاهم وقالوا / رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً وحظاً بكوا اعترافاً وحزناً منهم .... حدث شجار يوماً ما بين أبي ذر وبلال بن رباح رضي الله عن الجميع فما كان من أبي ذر غفر الله له إلا أن قال لبلال بن رباح يوم أكرمه الله بالإسلام " يا ابن السوداء " فحزن بلال رضي الله عنه كيف يُعير وقد أسلم والإسلام لا يفرق بين الناس فكلهم سواسية إلا بالتقوى فما كان منه إلا أن ذهب للرحمة المسداه يشكو له أبا ذر فنادى الحبيب أبا ذر فقال له " أعيرته بأمه !! إنك امرئ فيك جاهلية " فاغتم أبو ذر لذلك وحزن وقال " والله أحببت أن تدق عنقي ولا أسمع ذلك الكلام من رسول الله " فذهب في تواضع جم لبلال وقال له " هذا خدي أضعه على الأرض ضع قدمك عليه والله لا أرفعه حتى تضعها " فقال بلال " والله ما كنت أضع قدمي على جبهة سجدت لله " أو كما جاء في الحديث فتعانقا وصفت النفوس بين الصحابيين الجليلين رضي الله عنهم . قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوم بدر " إني قد عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله , ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله " فقال حذيفة بن عتبة بن ربيعة رضي الله عنه " أنقتل آبائنا وأبنائنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألحمنه السيف في عنقه " فالتفت النبي صلى الله علية وسلم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال : " يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف!! فقال عمر : فوالله إنها أول مرة يكنني فيها الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول : أبا حفص , فسل عمر سيفه وقال : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فو الله لقد نافق , قال : لا دعه ,, فقال حذيفة رضي الله عنه يوم علم أنه أخطأ يوم علم أن لسانه زل بكلمة عظيمة ومخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمر بطاعته قال في اعتراف تام بخطئه : والله ما أنا بآمن بعد تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة , فقتل رضي الله عنه شهيداً يوم اليمامة هؤلاء هم خير القرون هؤلاء هم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هؤلاء هم الذين حظوا بشرف الصحبة والسبق في الإسلام فكانوا من خير القرون أنظروا كيف تعامل الصحابة رضوان الله عليهم مع أنفسهم تعاملوا مع أنفسهم على أنهم بشر يصيبون ويخطئون ولم يعاملوا أنفسهم على أنهم ملائكة مطهرون مبرؤون من كل خطأ ,, والخطأ لا يصدر منهم بالعكس على من فيهم من الإيمان والتقى والخشية إلا أنهم كانوا يتعاملون مع أنفسهم على أنهم بشر ضعفاء يصيبون ويخطئون حتى قال أحدهم : أدركت ثلاثين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول : إيمانه كإيمان جبريل وميكائيل ... أما نحن فينطبق علينا المثل القائل أحشف وسوء كيلٍ ( مثل يُطلق على من يجمع بين صفتين أو أكثر سيئة ) ذنوب ومعاصي وتقصير وفي المقابل نرى أننا ملائكة معصومين من الخطأ فالخطأ أمر بعيد كل البعد عنا ويستحيل أن يصدر من أمثالنا ما أجمل أن يتعامل المرء المسلم مع نفسه على أنه بشر ضعيف ,, محض طين لازب ,, مخلوق من نطفة من ماء مهين ,, لولا تكريم الله له لكان مثله مثل سائر الكائنات الأخرى .. ما أروع أن ينظر المرء لنفسه بين الحين والآخر ويتفقد حاله ,, فينظر لسلبياته وأخطائه ,,, فيصلح من شأن نفسه ,,, ويتعاهدها بالصلاح والتقى ويسمو بها إلى المعالي .. أما الذي يرى أنه ملاك لا يُخطئ فهذا لن يعدو قدره ولن يبرح مكانه سيتقدم الناس ويصلحوا من شأنهم وهو سيظل قابعاً في برجه العاجي المصطنع لنفسه يتقدم الناس وهو قابع في مكانه إن لم يتراجع إلى الوراء لأنه لن يطور من نفسه وذاته طالما أنه يرى نفسه كاملاً مكملاً ما أروع أن يتعاهد المرء إخوانه وأحبابه بالنصح والتوجيه والإرشاد ما أجمل أن يعرف المرء الحق فيتبعه وهذه أخلاق الكبار الذين يتبعون الحق وينشدونه مع من كان لقد طالعت في سيرة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة : فمن أجمل ما لفت نظري في سيرة هذا العالم الفذ ,,الذي جعل الله له قبولاً في الأرض أنه يسير مع الحق و الدليل أينما سار , وليس متعصباً لرأيه دون الآخرين , بل متى ما عرف الحق اتبعه وهذا بعد توفيق الله الذي جعل له القبول في الأرض من وجه نظري فالمرء متى ما عرف الحق واتبعه واعترف بتقصيره , فسوف يكبر في أعين من حوله وليس العيب أن يخطئ المرء أبداً إنما العيب كل العيب أن يعرف المرء خطئه ويوجه وينصح ولكن نفسه العزيزة تأبى عليه قبول ذلك الحق والإعتراف بأنه بشر يصيب ويخطئ لأنه ما زال مقتنع أنه ملاك لا يخطئ والخطأ عيب ونقيصة في حقه وقدره ما أجمل أن يفسح المرء المجال لعقله أن يسمع صوت الحق فإن كان خيراً تحلى به من قبل , حمد الله وشكره وسأله الثبات على الحق و إن كان خيراً لم يتحلى به سابق إليه بقي أن أختم بوصية غالية أهديت إلي ولأنكم أحبابنا في الله نهديكم نفائس الحكم والنصائح \" إن إعترافكِ بخطئكِ ورجوعكِ للحق هو مما يُكبرك في الدعوة والإنسان الذي لا يخطئ هو الذي لا يعمل \" هذه وصية جعلتها حلقاً في أذني وسأعمل بمقتضاها إلى أن يشاء الله أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لصالح القول والعمل وأن يجعلنا هداه مهتدين غير ضالين ولا مضلين ملاحظة هامة النماذج والأمثلة التي سقتها في المقدمة , هي ليست إنقاصاً من قدر أولئك القوم , بل نبرأ إلى الله ممن ينتقص أصحاب أحمد صلى الله عليه وسلم إنما هي بيان لحال أولئك الأخيار وكيف تعاملوا مع أنفسهم تذكرة لأمثالنا ورحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا وقال : اتقي الله ... بقلم أختكم ومحبتكم في الله زاد المعاد