من منا في زمننا هذا لا تجذبه المغريات وسهولة الانجراف خلف أنهار المعاصي والشهوات !! فعصرنا اليوم عصر سرعة وسهولة الوصول إلى كل شيء إيجابي و سلبي على السواء . ومما يلفت النظر في مجتمعنا هو تباين بعض فئاته تجاه الشخص المذنب وعلى الذنب الذي اقترفه . فنجد غالبا أن الفعل مبرر سلفا عند البعض . وفي حاضرنا الذي يعج بالغث والسمين من الفتن الكثيرة , أتسائل عنك أيها الملتزم الجامد و أسألك : هل أنت بليد ؟ هل أنت عديم الإحساس ؟ آلا تدرك وتبصر ما حولك ؟ أم أنك ظللت عاكفاً في بيتك لا تبرحه إلا لصلاتك !! كثير هم من يصنفونك و يصفونك على أنك شخص تفتقد إلى الحب ولا تعطيه , ولا تملك من الأحاسيس ولا حتى اسمها , فأنت بظنهم رجلا شديد الغلظة , عابس الوجه . ودعني أبحر في كيانك المليء بالحركة الكامنة , آلا ينبض قلبك لنظرة خاطفة !! آلا تنجذب لموسيقى تنبعث من مذياع مراهق يمشي بسيارته بجوارك !! ألا .. ألا .. لمَ أنت جامد في هذه الجانب . أيها الملتزم هل ترغب بأن أسرد لك المزيد من الفتن التي تدور في فلك مجتمعك . نعم أيها الملتزم أعلم أنك لست معصوما ولست ملكا وكلنا ذاك الرجل , بل نرجو مغفرة الله ورحمته , ولكني أرى فيك البليد والجامد تجاه هذه الفتن وأرى فيك ذاك الرجل المتبع الطائع لربه عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم أخي وصديقي هنيئا لك هذا الخوف , فوالله إنك به لأشجع الشجعان . ووالله أني لأعلم أنك تقدم محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على هذه اللذات الفانية , فأصبحت مخافة الله هي السد المنيع والحصن لك من وسوسة الشيطان , وتزينه للمعصية . فنعم التاجر الرابح أنت , ذاك أن تجارتك و مرابحتك في الدار الآخرة . و خوفك في هذه الدنيا أمن لك في يوم العرض , يوم تبيض وجوه وتسود وجوه جعلنا الله وإياكم من الذين تبيض وجوههم فلا نراك يا أخي إلا متبع لما يأمر به الشرع الحنيف فلا تساوم في دينك وفي مخافتك لله عزوجل قال تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36 فحُقّ لك أن تكون القدوة في أتباعك للرسول صلى الله عليه وسلم ما وسعك و ماستطعت . قال تعالى{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْراً لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }التغابن16 ختاما أزعم أن رسالتي لنفسي أولا ولأخواني المسلمين كافة أنه يجب علينا أن نضع مخافة الله عزوجل نصب أعيننا في كل أمرنا فحسبنا أن دارنا دار فناء وما عند الله يدوم قال تعالى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 كتبه تركي بن عبدالرحمن الربعي