المرأة في وطني باتت حلبة صراعٍ يصطرع عليها فريقان، كلاهما يزعم أنه مخلِّصها ونصيرها .. فهذا يحرِّم عليها ما أحلّّه ربها لها ، ويَحرمها من أبسط حقوقها الشرعية .. يتحسس من أي صوت يدعو إلى مشاركتها في ميادين الحياة المختلفة العملية منها والعلمية ويستنكره وحجته ً قاعدة «سد الذريعة» المؤدية لتبرجها وانحلالها وقاعدة «ما غلب خيره فهو جائز وما غلب شره فهو محرم» وقاعدة «درء المفاسد أولى من جلب المصالح «وقاعدة» لا ضرر ولا ضرار» وقاعدة «أن ما أفضى إلى محرم فهو محرم».. وليس انتهاء بحديث مبشّر الأمّة ورسولها محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام : «ما أفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة « كل هذا الاستنكار والتحسس استناداً إلى اجتهاداته الخاصة به في تفسير أدلة الشرع وإسقاط هذه القواعد الفقهية الاجتهادية على ما يريد ويحب دون الرجوع أو قبول أي رأي غير رأيه حتى لو كان رأيه خطأ محضا.. وذاك يبحث جاهدا عن أقصر السبل وأسهل الطرق لتغريبها وانحلالها ونيّته غير المعقودة فتح مجالات الثقافة لها كي ترتقي وتصعد (فوق هام السحب) وليخلص المسكينة من قيود (المطاوعة ) وظلمهم لها وإجحافهم في حقّها.. بحت أصوات الفريقين على شاشات التلفزة .. وكلّت أناملهم عبر صحفنا، وغصّت مواقع الشبكة العنكبوتية بغثِّ أفكار هؤلاء وأولئك ، وتعالت أصواتهم في ديوانيات ومجالس أنصارهم ضد بعضهما انتصاراً للمرأة المغلوب على أمرها .. فريقٌ لفريق يقول : هؤلاء متأمركون قد رضعوا من أثداء العلمنة الغربية .. وأولئك لأولاء .. بل أنتم المتحجرون المتطرفون أنصار الفكر الرجعي .. والكل يدعي وصلا بليلى .. ولكن لليلى كلمتها بعد تعيينها راعية لبنات جنسها في منصب لايليق إلا بها .. معالي الأستاذة نورة عبد الله الفايز نائبة معالي وزير التربية والتعليم لتعليم البنات .. عن قرار تعيينها تقول : (إن هذا القرار يؤكد استشعار حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - أيده الله - لأهمية الموازنة بين الرجل والمرأة في منح الفرص الوظيفية القيادية من منطلق الإيمان بأن القائد يجب أن يكون في دائرة الأداء الميداني وقريباً ممن يقودهم، وفي مجالات عمل المرأة لن يكون هناك أحد أقدر من المرأة على ممارسة هذا الدور) وحول اختلاطها بإخوانها وأبنائها الرجال تقول رداً على سؤال : (لم أقل : إنني سأزور الإدارات الرجالية وليس لدي نية لزيارتهم، لأنني مازلت بنت البلد ومازالت تجري في عروقي الدماء السعودية التي تعطيني التوجيه بعدم الاختلاط مع الرجال). هذه هي كلمتها وكلمة صويحباتها من قبل ومن بعد . كلمة فصل لا يختلف عليها عاقلان . مفهوم رسائلها أن دعوني وشأني فإنما أنا امتداد لهذا النسيج الاجتماعي الوسطي المحافظ تحت مظلة قانون دولة يستند وينهل من معين الشريعة الإسلامية. وخلاصة قولي .. كي تعرفوا اجتهادات الفريقين وصلت إلى أين ؟! تعالوا معي فاستطلعوا ميادين الشبكة العنكبوتية ومواقعها ومنتدياتها وعموم ملتقياتهما في غسق الليل وبعد إبصار النهار ماذا قالوا وماذا يقولون ؟! عن ظروف تعيين أول امرأة سعودية في أعلى منصب لها لأول مرة منذ قيام المملكة العربية السعودية وما بلغته اجتهاداتهم في تحليل هذا الحدث الحيّ وما سيؤول إليه (ماشاء الله .. أو لا قدّر الله)، ليتضح جليّاً أننا بين ثقافة تقديم سوء النية على حسنها والتشكيك في كل طرح ثقافي أو اجتماعي يقدمه من يخالفني. وعلى هذا فإن من لم يكن معي فهو ضدّي بغضّ النظر عن صواب رأيي من خطئه . وبين ثقافة الوصول للقمر كما وصله غيرنا (وش يفرقنا عن غيرنا) حتى لو كان ذلك على حساب إذابة الثوابت وتمييع المسلَّمات. إلى الأمام يا خادم الحرمين الشريفين في مثل هذه القرارات الحكيمة والمدروسة والشعب دوماّ معك في وضع الشخص المناسب في المكان المناسب. عبد العزيز علي العميري