أَنَّة في نهاية كل عام ترصد الدولة الميزانية العامة لها ويتم تخصيص ملايين الريالات لكل وزارة وكل جهة تتولى الدولة مسؤوليتها..كلٌ بحسب اجتياحها – عفواً- احتياجها .. ويخصص لوزارة الصحة حسب معلوماتي الضئيلة مبلغاً لا بأس به كثيراً ..يُفتَرض أن يُصرَف في توفير الاختصاصيين والأدوية والأسرة البيضاء بكل مستلزماتها .. لا ننسى ملابس المرضى الموشومة بشعار المستشفى وغير ذلك مما نحتاج أن نكتب بعده ....إلخ .. إذ أن جميعكم يعلم أكثر مما كُتِب وسيُكتَب .. عَرَض (1) يشهد مستشفى الولادة والأطفال حالات ولادة يومية .. يفترض أن يُتعامَل معها بشيء من التنظيم داخل المستشفى من خلال مساحات الاستيعاب والممرضات والأطباء والكراسي المدولبة ولكن حين تأتي حالة كتلك التي وردتني على لسان صاحبتها .. فتلك مأساة .. في غرفة واحدة .. توضع سبع نساء (وربما يكون العدد قابل للزيادة) جميعهن في المخاض وتشرف عليهن حوالي الثلاث إلى الخمس ممرضات .. ممرضات من البشر .. لهن طاقة قابلة للنفاد .. فهي تنتقل من هذه إلى تلك في محاولة لتأدية عملها كيفما اتفق حتى وإن لزم الأمر أن تصرخ على امرأة تحاول إخراج روح من داخل روحها .. حتى وإن لزم ... أكثر من ذلك .. تصيحُ إحداهن بامرأة بأن تنتقل بنفسها من الكرسي المتحرك إلى سرير الولادة وهي تعاني آلام الولادة .. وحين أبدت عجزها وقلة حيلتها عن ذلك .. قامت إحدى (زبانية العذاب) بنزعها نزعاً من الكرسي حتى كادت أن تعريها من ذاك اللباس الخاص بالمستشفى والذي تم وصل طرفيه بشريط لاصق !! عَرَض(2) رحلة أشبه بالمغامرة .. فمن قسم الطوارئ بإحدى المستشفيات الحكومية إلى المستشفى الرئيسي بالمنطقة لأن استعدادات الأخير أفضل من ذاك الأول .. والتشخيص يختلف من هنا إلى هناك .. تحاليل ونتائج وتقارير ترسل إلى مستشفى في منطقة أخرى لعجز ذاك الرئيسي عن إكمال العلاج وإعداد تشخيص مبالغ فيه حتى يتم قبول المريض فوراً .. دون مراعاة لنفسية المريض التي قد تتأثر حين يعلم بأنه مصاب بداء عضال يعلم بعد أن ينتقل إلى المستشفى الآخر بأنه ليس إلا مجرد مبالغة حمقاء لقبوله .. بين المستشفى الرئيسي بالمنطقة ومستشفى المنطقة الأخرى حوالي الساعة والنصف .. ولكن أضف إليها ساعة أخرى لمحاولة إقناع الطبيب بمرافقة المريض في عربة الإسعاف الخلفية تطبيقاً للقرار الذي ينص على ذلك !! نزيف أعلم بأن المستشفيات العامة والخاصة في بلدي وفي سواه تشهد حالات أسوأ وأشد ألماً ..فليس ذاك بشيء أمام أخطاء طبية وتشخيصات مغلوطة وتأخيرات غير مبررة قد تودي بحياة المرضى .. أعلم بأن ليس هناك معصوم من الخطأ .. ولكن أن يتم السكوت عنه وتجاهله وكأنه لم يكن .. وكأن حياة البشر رخيصة ولا قيمة لها ولا اعتبار .. فذلك الخطأ الذي لا يُقبَلُ معه الخَرَس .. رحم الله الرعاية الطبية .. التي لم يبقَ لنا منها سوى اسمها ومحاولات متناثرة لحمايتها من الرعونة . فاطمة العرجان كاتبة - سعودية