من خلال جولاتي الدعوية ومحاضراتي هنا وهناك في داخل المملكة وخارجها حصل لي مواقف ، منها الطريف ، ومنها الجميل ، ومنها الشيق الذي لا ينسى من ذلك :- أننا خرجنا ذات مرة من عفيف متجهين إلى الحوميات ، وأراد السائق التابع لمكتب الدعوة بعفيف أن يختصر بنا الطريق ، فسلك بنا طريقاً برياً ، وأراد الله أن ينزل مطر شديد سالت على إثره الأودية مما حال بيننا وبين مواصلة الطريق البري ، فرجعنا إلى الطريق المعبد ( الإسفلت ) متجهين إلى ظلم ثم الطريق السريع ، وكانت المحاضرة بعد المغرب ولم نصل إلى الحوميات إلا بعد العشاء بساعة ، حيث تفرق الناس ، وذهبت الجماعة ، فلما وصلنا قال أحد سكان البلدة الأمر سهل ، أنا أجمعهم لكم وفعلاً ماهي إلا لحظات إلا وجمعهم لنا ، وألقيت المحاضرة بعد العشاء بساعة ، ولم نرجع إلى عفيف إلا عند الساعة الثالثة ليلاً ، ومن المواقف أنني قد ألقيت محاضرة في إحدى قرى عفيف ، وبعد مضي عشرين دقيقة انكسر جزء من الكرسي الذي أجلس عليه كسراً يسيراً ، فتحاملت على نفسي وجعلت ثقلي على إحدى زوايا الكرسي طيلة المحاضرة ، حتى لا أوقع أهل البلدة في حرج ( نظراً إلى أن الكرسي كان متواضعاً و الحمولة الزائدة - وزني الثقيل - ) فجلست أشتكي من جنبي ( وركي ) أياماً . ومن المواقف أني ألقيت محاضرة في قرية نائية فلما أوشكت على الإنتهاء منها انقطع التيار الكهربائي عن البلدة بأكملها ، وأصبحنا في ظلام دامس ، فأكملت المحاضرة ، وصلينا العشاء ، ومن الطريف أني فقدت حذائي وكذلك السائق أيضاً فقد حذائه ، وأما أخونا الثالث ، فقد وجد ضالته ، وتنا ولنا طعام العشاء ولا ندري ماذا أكلنا . ومن المواقف أني ألقيت محاضرة في أحد ٍالمراكز النائية فقال أحد الإخوة الحاضرين : اخفض صوتك وأبعد الميكرفون ، ففعلت ، وبعدها مباشرة قال شخص آخر : صوتك منخفض قرب الميكرفون وارفع صوتك ، فرفعت صوتي وقربت الميكرفون قليلاً ، فحصل خلل في جهاز الصوت ، وقمت بإقفاله ثم أكملت المحاضرة بلا ميكرفون ، فكان الصوت والإلقاء من أفضل ما يكون . ومن المواقف أني ألقيت كلمة بمكة في موسم حج عام 1428ه وكان الحديث عن سيرة أمير المؤمنين/ علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فذكرت نشأته وهجرته ، وزواجه من/ فاطمة - رضي الله عنها - ثم تحدثت عن شجاعته ، وذكرت خبره لما قتل/ عمرو بن عبدود العامري ، يوم الخندق ، وصورت الحدث حتى إذا قلت فرفع عليٌ سيفه فضرب عمراً في هامته فشق رأسه حتى بلغ أضراسه فخر عمرو ، فكبر علي فلما قلت كبر علي ، كبر أناس في الجامع بصوت واحد ، ارتج بذلك الجامع ، والمكبرون معروفون ، وكان ذلك بعد صلاة العصر يوم 14 من ذي الحجة في جامع والدة الأمير/ متعب ، الذي يؤمه القارئ الدكتور/ عبدالودود حنيف . ومن المواقف : أني خطبت مرة في جامع كبير وكنت أخطب ارتجالاً بلا ورقة ، فاستشهدت بآية وأنسيت آخرها فسألت أحد المصلين في الصف الأول وأنا أخطب ، ففوجئت بأحد الإخوة من المصريين من آخر الجامع يصرخ بالآية صراخاً – فجزاه الله خيراً - . وخطبت ثانية بمكة حي العزيزية في موسم حج عام 1424ه فلما كانت الصلاة قرأت سورتي الجمعة والمنافقون ، وبعدها صافحني أحد الكتّاب المشهورين أظنه من منسوبي جامعة أم القرى ، فقال لي لماذا قرأت هاتين السورتين ، فقلت : إنها السنة ، فاستغرب ذلك وقال عجيب هل أنت متأكد ؟! وخطبت ثالثة بمكة في حي العوالي عام 1428ه في موسم الحج فلما حانت الصلاة قرأت بسورتي الجمعة والغاشية ، وكان قد صلى معي أحد أهل العلم الكبار فأثنى على الخطبة وبالغ في الثناء ، إلا أنه قال لماذا قرأت بالجمعة والغاشية ، كانت السنة أن تقرأ الجمعة والمنافقون ، فقلت هذا صورة ثالثة ، وهذه الصورة ثابتة في صحيح مسلم ، فقال : عجيب !! فلا عجب أن تخفى سنة معينة على أحد العلماء أو كبارهم ، فضلاً عن طلبة العلم ، فقد خفيت سنن على بعض كبار الصحابة وكبار العلماء ، مثاله : خفي توريث الجدة على أبي بكر الصديق حتى شهد عنده أثنان من الصحابة أن رسول الله $ أعطاها السدس ، فأعمل السنة . وخفي على عمر الفاروق حديث ( إذا استئذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع ) والأمثلة كثيرة جداً . ومن المواقف أيضاً : أنه في حج عام 1428ه وكالمعتاد كنت من المشاركين مع وزارتنا الغراء (الشؤون الإسلامية ) وكنت القي الدروس والمحاضرات في مساجد مكة – حرسها الله – وجرى لي مع إخواني الحجاج مواقف مثيرة منها ، إنني تحدثت مرة عن التوبة وفضلها ، وأن نداء التوبة موجه للجميع بلا استثناء ، بل إن النبي $ قال : ( والله إني لا ستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ... الخ ) وبعد انتهاء الدرس أقبل الإخوة يسألون كالمعتاد ، وكان من بينهم رجل إيراني ، فقال لي : كلامك حسن وجيد ، ولكنك وقعت في خطأ كبير ، فقلت له وما هو ؟ علمني أثابك الله ، فقال : تقول أن النبي صلى الله عليه وآله يتوب ! كيف يتوب !! وهل له ذنوب حتى يتوب ؟ ألم تعلم أنه في كل يوم هو في منزلة !! فقلت له يقول الله تعالى : { لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } (التوبة:117) وذكرت له خبر آدم وأنه تاب ، ونوح أنه قال { قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (هود:47) وإبراهيم قال { وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ } (الشعراء:82) وموسى قال :{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (القصص:16) . فسكت ولم يجد جواباً ثم قلت له والناس يسمعون : أسألك فقال : نعم ، قلت : هل النبي $ يعلم الغيب عندك قال : نعم بكل تأكيد ، فقلت : يعلم ما يحصل الآن من تحاورنا ، فقال نعم نعم ، فقلت : أين أنت عن قوله تعالى على لسان نبيه محمد $ { قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (لأعراف:188) ، وقوله تعالى { قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} (النمل:65) ، وقوله { وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } (الأنعام:59) . لو كان يعلم الغيب لما شج جبينه ، ولما كسرت رباعيته يوم أحُد ، ولو كان يعلم الغيب لما رميت زوجته شهراً كاملاً .... الخ ، فقال يقول الله { إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } (الجن:27) فقلت النبي $ لا يعلم الغيب ابتداءً ، يقول الله { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (الشورى:52) إذاً لا يعلم الغيب - عليه الصلاة والسلام – إلى بعد أن يوحى إليه . فانطلق وأحضر المصحف وأخرج الآية رقم ( 105 ) وهي قوله تعالى { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ }فسكت ، فقلت له : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من سورة التوبة ، فقال إقرأ فقلت : والمؤمنون يعلمون الغيب ، فسكت ، فقال له رجل من الحاضرين : والمؤمنون فسكت ، فقلت : إذاً المؤمنون يعلمون الغيب عندك فقال : لا ، فقلت : إذاً ماذا فسكت ، ثم أقبلت على الحجاج أجيب عن أسألتهم . ومن المواقف : أن ألقيت مرة كلمة بعد المغرب في اليوم الخامس من ذي الحجة 1429ه في جامع/ عمر بن الخطاب بالعزيزية في مكة ، ومعي الترجمان ، وكان عامة الحضور من الجالية الأندونسية وكانت المحاضرة عن السحر والزنا وخطرهما ، تحدثت عن الزنا ، وبالغت في التحذير منه ، وذكرت أنه من الموبقات المهلكات ، ولابد من التوبة منه ، ولقد رأيت في وجوه الإخوة الاندونسيين التمعر والاستغراب لأني حشدت الأدلة ، و سقت الآيات ، وحذرت وأنذرت ، وخوفت وهددت بعذاب الله العاجل والآجل ، وأن الزنا سبب الفقر والفاقة ، وأنه من العظائم بعد الشرك ، وحذرت من الاختلاط بالنساء في البيوت والمساجد والأسواق ، وكان لذلك التحذير مناسبة ، وهي أن الرجال اختلطوا بالنساء في ذلك المسجد ، وقلت خيراً للمرأة صلاتها في الفندق ، وأن معظم مكة كلها حرم والصلاة فيها عن مئة ألف صلاة ، وذكرت الأدلة ومنها قوله تعالى { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (الاسراء:1) ، وإنما أسرى بالنبي $ من بيت/ أم هاني وسماه الله المسجد الحرام ، وكان الترجمان يترجم كلامي كلمة كلمه ، حتى إذا ختمت المحاضرة بدأ دور الأسئلة ،فقام أحدهم وفي وجهه الغضب قد انتفخت أوداجه واحمر وجهه ، وعلا صوته وهو يقول : ( أنتم تحرفون الكلام عن مواضعه ، لأنك تقول إن النبي $ أسري به من بيت والله يقول المسجد الحرام ) فقلت للترجمان قل له : هذا ثابت في السنة والسنة تفسر القرآن ، وهي وحي من الله ، وقد ثبت في السنة أن الإسراء من بيت/ أم هاني ، فقال : لا ، أنتم تحرفون القرآن ، والصلاة إنما تضاعف في المسجد الحرام فقط دون سائر مكة ، فقلت له ، قل له : الله يقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }(التوبة:28) ،المراد بالمسجد الحرام ( معظم مكة ) ( أي البقعة المحرمه ) فهل يجوز لهم أن يدخلوا مكة ، فسكت برهة ثم قال : فهمت فهمت يكفي يكفي !! . ثم قام شخص آخر وقال : ( أنت تقول صلاة المرأة في بيتها خير لها من صلاتها في المسجد ، فقلت: نعم ، فقال : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، فقلت : على فرض صحة هذا الحديث ، فإن المقصود هم الرجال ، ثم ذكرت له الأدلة من السنة ، على فضل صلاة المرأة في بيتها ، فلم يفهم ، أو لم يقتنع بالأحاديث ، أو شكك في صحتها ، فقلت له يقول الله { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ( 36 ) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) (37)} (النور:36 - 37) ، فقال فهمت ، والذي يظهر لي وكذا الأخ الترجمان أن السبب في غضبهما أن حديثي عن الزنا كان قوياً وهم كما أسمع ، وكما ذكر ذلك المترجم يعدون الزنا ذنباً صغيراً . ومن المواقف :- أني تحدثت في أحد المساجد عن خطورة الشرك ، وأن الأموات لا يسمعون أو ينفعون ، أو يضرون وذكرت الأدلة كقوله تعالى : { إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } (فاطر:14) ، { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } (الأعراف:194) . وإن الشفاعة كلها لله كقوله تعالى : { قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }( الزمر:44) ، وقوله : { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } (النجم:26) ، وقوله تعالى : { ... وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}(الانبياء:28) ، فقام ، أحدهم ، بعد الاستئذان وقال : ( كيف تجمع بين الأدلة { إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } (فاطر:14) ، وأن النبي $ يرد السلام ، فقلت له .. رد السلام أمر غيبي نحن لا نسمع رد السلام ، ولا نعرف ما حقيقته أو ما هيته ، ولا يعدو أن يكون مجرد تحية فقط ، لا يجلب نفعاً ولا يرفع ضراً ، وليس فيها دعاء ولا توسل ، وإنما غايته الدعاء له والسلام عليه والثناء فقط ، والله يقول لمحمد $ قل لهم:{ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (الأعراف:188) ، والسلام على الميت ليس خاصاً به بل يشرع في حق كل نفس مؤمنه . ومن المواقف :- أن تحدثت مرة عن مكانة الخليفة الراشد/ علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - عند أهل السنة وأنهم يعظمونه ويجلونه ، في عدة دروس ، في جامع الخلفاء بالعزيزية ، فجاءني رجل ، وقال لي : كلامك حسن ولكن الذي يظهر أنكم تسبونه ، وتتنقصونه ،فقلت : ما دليلك على ما تقول ، فقال: ما أسمعه عنكم فقلت : هذه دعوى تحتاج بينة ودليل ، ثم قلت : يا أخي لابد أن تعرف أن تنقص أي صحابي أياً كانت منزلته أمر مرفوض عندنا جملة وتفصيلاً ، ولا نسمح لأحد منا أن يذكر أحداً من الصحابة بسوء ، وعلى هذا نشأنا وعليه تربينا ، وأرجع إن شئت إلى مؤلفات علمائنا ودروسهم ومحاضراتهم فلن تجد إلا كل احترام وتقدير لجميع الصحابة الكرام بلا استثناء ، وقد أقول لك ، إن عندنا من العامة من لا يعرف عن مكانة الإمام/ علي ومنزلته ، وجهاده ، سابقته ، هذا يوجد ، أم سبه ، أو مناصبته العداء ، فهذه دعوى باطلة ، وفرية كاذبة ، نعوذ بالله منها ، ولقد صنف في فضائله علمائنا الفضلاء مؤلفات عدة ، والنصب كما تعرف لم يكن في ديارنا عبر التاريخ ، وإنما كان في بلاد الشام أوليس كذلك ؟ فقال : نعم صدقت ، ثم قال الرجل (من الأهواز ) بما أنك وهابي ما حقيقة الوهابية يا شيخ ، فقلت له الحديث يطول ، وأنا الليلة مدعو على عشاء ، فتفضل معي ، فقال : لا استطيع وشكراً ، فقلت إذاً لنلتقي غداً - إن شاء الله - بعد صلاة العشاء حتى أبين لك حقيقة الوهابية ، فقال : اتفقنا . ومن الغد ، اجتمعنا بعد الدرس في جامع الخلفاء بالعزيزية ، وأخذت أبين له حقيقة دعوة الشيخ/ محمد بن عبدالوهاب ، وأنها دعوة تجديدية ، وليست حركة بدعية ، وذكرت له بعض رسائل الشيخ ، وأن/ ابن عبدالوهاب ، ينكر دعاء غير الله ، والتوسل بالقبور والأموات ، وأنه لا يكفر إلا من عرف دين الرسول ، ثم بعد ما عرفه سبه ونهى الناس عنه ، في حديث طويل ماتع .. ، ثم أو ضحت له أننا لا نغلوا فيه ولا ندعي عصمته ، ولا نعرف قبره ، ولا نعظم ذريته ولا ... إلخ بل إننا لا نعرف قبره أو مكانه ، بل حتى منزله الذي في حريملاء هدمته الدولة السعودية ولا مكان عندنا لتقديس أحد ، بل التعظيم كله لله وحده ، وليس عندنا مزارات إلا بيوت الله والشيخ/ محمد بن عبدالوهاب ، هدم قبر/ زيد بن الخطاب تطبيقاً لوصية رسول الله $ التي بعث بها علياً – رضي الله عنه – فقد قال علي ابن أبي طالب – رضي الله عنه – لأبي الهياج : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله $ ألا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته في نقاش وحوار دام جزء من تلك الليلة الجميلة في حرم الله ( مكة ) وحقيقة أن الرجل تأثر جداً وطلب مني كتب وأشرطة ، وأخذ يحضر درسي كل ليلة حتى كان آخر ليلة هي ليلة الثامن من ذي الحجة ليلة ( التروية ) وبعدها افترقنا . وإلى اللقاء فهد بن سليمان التويجري مدير إدارة الأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد بمحافظة المجمعة