(محبتنا لليوم الوطني من محبة عبدالعزيز) كثير ممن تختلج مشاعرهم من أبناء هذا الوطن تفيض حباً وعشقاً وولاءً للوطن وقادة الوطن في ذكرى اليوم الوطني لهذا الكيان العظيم ويتسابقون على التعبير عن مشاعرهم وتسطيرها إبتهاجاً بهذه المناسبة الغالية لكل سعودي يسترجع التاريخ ويتذكر كيف كنا بالأمس البعيد وكيف أصبحنا هذا اليوم، كيف كنا متفرقين ثم أصبحنا مجتمعين، وكيف كنا جائعين، وكيف أصبحنا منعمين، وكيف كنا خائفين وكيف أصبحنا آمنين، وكيف كنا جاهلين وكيف أصبحنا متعلمين... وكيف وكيف وكيف... إن كتابة الكلمات المكررة والعبارات التي اعتدنا على ترديدها وكأنها عادة فقط بدون استشعار داخل النفس لمعنى ذكرى هذا اليوم لم تعد مجدية ما لم يكن هناك حس وطني عميق نمارس فيه الوطنية بكل معانيها كل في مجاله فإن مثل هذه المناسبة سوف تمر مرور الكرام ولن يكون لها اثر أكثر من وهج إعلامي وأناشيد ومواد إعلامية متكررة بنقصها قصور في كيفية معرفة أساليب إحياء مثل هذه الذكرى الغالية بطريقة علمية متخصصة ومهنية إعلامية محترفة لتكريس هذا المفهوم الوطني الغالي على أنفسنا جميعاً. ولعل محبتنا وتقديرنا وإجلالنا لهذا اليوم الوطني المبارك تأتي من محبة وتقدير وإجلال صانع هذا المجد (بعد توفيق الله وفضله ومنته جل وعلا). وهو الملك المؤسسة عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله وأسكنه فسيح جناته الذي جاهد في الله حق جهاده ووحد المؤمنين في دينهم وفي هويتهم الوطنية تحت راية التوحيد الخفاقة. نعم.. إنني عندما أقول أن الملك عبدالعزيز وحد المؤمنين في دينهم إنني أعني ما أقول وذلك عندما كان يصلي في الحرم المكي الشريف أربعة أئمة من جميع المذاهب الأربعة واستطاع بحكمته وسياسته ودهائه وثاقب بصيرته رحمه الله أن يجعل إمام بيت الله إمام واحد يصلي خلفه الجميع بحمد الله ومنته. كما أنني أود أن أقول بهذه المناسبة ولكأنني استنشق رائحة وعبق التاريخ وأستشعر تلك الأيام التي خلت عندما كانت هذه المملكة قبل توحيدها تعاني من الفرقة والخوف والجوع والفقر والمرض والتناحر فيما بين قبائلها وأهاليها من بادية وحاضرة وكيف كانت تراق الدماء عند مورد ماء أو عند نهب وسلب وغزوات يأكل القوي حينها الضعيف، بل حتى فرائض الله التي أوجبها على عبادة المسلمين قاطبة في جميع أصقاع الأرض كادت تتوقف أو تنقطع بسبب الخوف وقطاع الطرق ممن يترصدون لهم ويسلبون مامعهم من طعام أو بضائع أو حتى ملابسهم التي على ظهورهم حتى قيض الله لهذا الوطن الملك الصالح والمؤسس الباني والموحد على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود الذي وحد هذه المملكة تحت لواء (لا إله إلا الله محمد رسول الله) والعدل في الرعية وتأليف القلوب بحكمته رحمه الله وتقويم المعوج وبسط الأمن والأمان بإقامة حدود الله حتى اصبح الخوف أمناً والجوع ولى والخير غدقاً وسارت البلاد من خير إلى خير بسبب النصرة لله تعالى الذي قال وهو أعز قائل. {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} فلقد نصر عبدالعزيز بن عبدالرحمن ربه وعدل في أسرته وشعبه وأقام حدود ربه وبهذا إنتصر وبنى بعون الله دولة الإسلام على أساس متين قوي بقوة الله جل وعلا، كما أن من صفات ذلك الملك الصالح صفة فريدة وهي (إستصلاح الرجال) وبعد النظر وكسب قلوب الأعداء وإعادة تأهيلهم حتى يكونوا من رجاله المخلصين ولعمري أن تلك خصلة لم تكن إلا في قلة من الأولياء والصالحين وقد وهبها لعبدالعزيز بن عبدالرحمن رحمه الله فكانت إحدى دعائم نجاح سياسته ودعائه وحكمته، كيف لا وقد قال الله عز وجل {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذكر إلا أولو الألباب} صدق الله العظيم... نعم هكذا كان عبدالعزيز إماماً وملكاً وقائداً عظيماً ومحنكاً يفيض إيماناً وقوة بربه يسير على نهج محمد صلى الله عليه وسلم، ويعدل عدل عمر بن الخطاب، ويقاتل بشجاعة خالد بن الوليد، ويحكم بدهاء وحكمة معاوية بن أبي سفيان فيما لايغضب الله ويوحد به أمته وشعبه بنصرة دينه وإعلاء كلمته مما جعلنا جميعاً نرث هذه المملكة المترامية الأطراف بكل خيراتها ومكتسباتها والتي أسأل الله تعالى أن يوفقنا ويرزقنا شك نعمته وأن نسير على نهج عبدالعزيز في حكمته وخصاله وحنكته وسعة افقه وبعد نظره ورحمته وعطفه وكرمه وما حباه الله به من إيمان وخوف من الله جعله يصنع المعجزات بتأييد ونصر من ربه جل وعلا. إننا في حاجة ماسة جداً لأن نسترجع التاريخ ونتدبر تلك الأيام الخالية وألا نحتفل ونمجد أولئك الأبطال والأفذاذ بكلمات منمقة وخطب وقصائد وكلمات رنانة ولكن نسير ونطبق نهجهم فالخير أوجب أن يتبع وهذا إن شاء الله ماتسير عليه هذه الدولة المباركة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي عهده الأمين حفظهما الله ووفقهما لما فيه خير الإسلام والمسلمين فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز – نائب أمير منطقة القصيم