أعطى صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أملا جديدا لأصحاب القضايا الصادرة في حقهم عقوبات شرعية، إذ أمر بتعديل مواد القرار الوزاري المنظم لتسجيل صحائف السوابق في خطوة تفتح باب أمل جديد أمام المذنبين للانخراط في المجتمع والمساهمة في بناء الوطن. واشترط القرار الذي وزع على الجهات ذات العلاقة لإنفاذه فورا، أن تكون العقوبة الجزائية على أمر محظور ومعاقب عليه شرعا أو نظاما وبعد ثبوت الإدانة بناء على حكم نهائي بعد محاكمة تجرى وفقا للوجه الشرعي طبقا للمادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية. وحدد القرار الذي يهدف إلى الحد من القيود التي تمارس ضد السجناء والمفرج عنهم للتسجيل في صحيفة السوابق في مادته الثالثة، أن تكون العقوبة المحكوم بها إما حدا شرعيا غير حد المسكر، حد السكر للمرة الرابعة فأكثر، السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، أو إذا اجتمعت عقوبتان من العقوبات الآتية: (الجلد الذي لا يقل عن 80 جلدة، السجن الذي لا يقل عن سنتين، الغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف ريال)، وبين النظام أن المقصود باجتماع العقوبات ما يتقرر شرعا أو نظاما أو بهما مجتمعين. وكفل الشطب الفوري لكل حكم جزائي نهائي سبق تسجيله في صحيفة السوابق على خلاف المواد المتقدمة، وذلك بقوة النظام دون حاجة إلى استصدار موافقة بذلك، ويدون في صحيفة الحالة الجنائية. وأشار إلى أن الأحكام الجزائية التي تسجل في صحيفة السوابق هي «الأحكام النهائية المكتسبة للقطعية التي تصدر في القضايا الجزائية إذا توفرت فيها شروط تسجيل السوابق الموضحة في المادة الثالثة». أما الأحكام الجزائية التي تسجل في صحيفة الحالة الجنائية، فهي «الأحكام النهائية المكتسبة للقطعية التي تصدر في القضايا الجزائية ولم تتوفر فيها شروط تسجيل السوابق الموضحة في المادة الثالثة». وفي ما يتعلق بالحدث الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو الذي أتم الخامسة عشرة من عمره ولم يبلغ الثامنة عشرة «يجري تسجيل ما يصدر بحقه من أحكام في صحيفة الحالة الجنائية ولا تسجل في صحيفة السوابق». وأوضح القرار أن رد الاعتبار يحتسب من انتهاء التنفيذ الفعلي للعقوبة وليس من تاريخ انتهاء المحكومية، «لأن سقوط العقوبة بالعفو أو لأي سبب آخر ينهي العقوبة، بشرط أن تنتهي المدة المعفو عن عقوبتها دون عودة المحكوم عليه إلى ارتكاب جريمة أخرى مما يسجل في صحيفة السوابق». وحدد تسجيل جميع الأحكام والأوامر الصادرة بالإبعاد وفق ما ورد في المادتين الأولى والثانية من هذا القرار. ووجه بوضع عبارة «سابقة» أمام الأحكام الجزائية النهائية المدونة في الصحيفة المستخرجة التي تتوافر فيها شروط تسجيل السابقة، وعبارة «حالة جنائية» أمام الأحكام الجزائية المدونة في الصحيفة المستخرجة التي لا تتوافر فيها شروط تسجيل السابقة. وأوكل القرار إلى المختصين في فروع الأدلة الجنائية بأخذ بصمات المحكوم عليه وتصويره فور التنفيذ الفعلي للعقوبة وتسجيل اسمه ورقم الحكم الصادر ضده وتاريخه والجهة الصادر منها والعقوبة المحكوم بها عليه ووصف الجريمة. وبحسب القرار، فإن المشروع محل القرار الوزاري رقم 3130 وتاريخ 3/ 9/1408 ه المعدل بالقرارين الوزاريين رقم 6057 وتاريخ 8/10/1419ه ورقم 1803 وتاريخ 25/3/1427 ه ويعمل به من تاريخ صدوره وتنفذه الجهات المعنية. من جهته، رأى رئيس لجنة المحامين والمستشارين في منطقة عسير عضو اتحاد المحامين العرب والاتحاد الدولي للمحامين يحيى بن محمد الشهراني أن جوهر التعديل محصور فيما يلي: أنه لا سابقة إلا على حكم قضائي قطعي بثبوت الإدانة، ما يعني أن الأحكام القضائية التي تنص على توجه الشبهة لا تسجل في صحيفة السوابق وإنما تسجل في صحيفة ما يسمى «الحالة الجنائية»، كما أنه لا يترتب على ذلك أي آثار قانونية مما يترتب عادة على أصحاب السوابق، بغض النظر عن المدة المحكوم بها سواء ثلاث سنين أو أكثر. ثم إنه لا سابقة إلا على حكم قضائي قطعي وفي مخالفة مجرمة شرعا ونظاما، ما يعني أن الأحكام القضائية لا تسجل في صحيفة السوابق ما لم تكن مكتسبة للصفة القطعية ومشمولة بالنفاذ. أما النقطة الثالثة فتبين أنه لا يكفي لتسجيل السابقة أن تكون مبنية على حكم قطعي يثبت الإدانة فحسب بل لا بد من أن تتوافر في منطوق الحكم أي من الاشتراطات التالية: إذا نص الحكم على تطبيق حد شرعي بحق المحكوم عليه (غير حد المسكر)، إذا نص الحكم على تطبيق حد المسكر بحق المحكوم عليه للمرة الرابعة فأكثر، إذا نص الحكم على تطبيق عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، إذا نص الحكم على جمع عقوبتين بحق المحكوم عليه وذلك بالجلد أكثر من ثمانين جلدة فما فوق والسجن ما لا يقل عن سنتين والغرامة بما لا يقل عن عشرة آلاف ريال. وقال الشهراني «إذا حكم على شخص بالسجن سنتين وتسعة أشهر بحكم قطعي يثبت إدانته لم يسجل ذلك في صحيفة سوابقه، وإذا حكم على شخص بالسجن أربع سنوات بحكم قطعي تتوجه به الشبهه لم يسجل ذلك في صحيفة سوابقه، وإذا حكم على شخص بالسجن سنتين والجلد سبعين بحكم قطعي يثبت إدانته لم يسجل ذلك في صحيفة سوابقه. وأضاف «نص التعديل الجديد على تسجيل جميع الجرائم التي يصدر بموجبها أحكام قضائية ولا تتوافر فيها شروط تسجيل السوابق في سجل خاص يسمى «سجل الحالة الجنائية» ولا يترتب على ذلك التسجيل أي آثار قانونية مما يترتب عادة على المسجلين في «سجل السوابق»، كما نص التعديل على الشطب الفوري وبقوة النظام لجميع السوابق المسجلة بالمخالفة لما ذكر سابقا وذلك دون الحاجة إلى استصدار موافقة بذلك، ويحق لجميع من سجلت عليهم سوابق جنائية بالمخالفة لما ذكر آنفا مطالبة إدارة الأدلة الجنائية بشطبه فورا ودون تأخير». وزاد «نص التعديل على عدم تسجيل أي سابقة على من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بغض النظر عن الجرم المرتكب أو منطوق العقوبة وعلى أن يكتفى بتسجيل ذلك في صحيفة الحالة الجنائية». كما نص التعديل على أحقية من سجلت عليهم سوابق جنائية وفقا للضوابط المشار إليها سابقا بطلب رد اعتبارهم وشطب السابقة من سجل سوابقهم وعلى أن يحتسب تاريخ انتهاء تنفيذ المحكومية من انتهاء التنفيذ الفعلي للعقوبة. بمعنى أنه يبدأ احتساب مدة المشمولين بالعفو في ما يتعلق برد الاعتبار من تاريخ شمولهم بالعفو وليس من تاريخ انتهاء عقوبتهم الأصلية، شريطة عدم ارتكابهم لأي جريمة أخرى قبل انتهاء الفترة التي شملوا فيها بتعليمات العفو. ولا شك أن من شأن هذه التعديلات فسح المجال واسعا أمام دمج المشمولين بها كأفراد صالحين في المجتمع متمتعين بكامل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها غيرهم، وليكون ذلك الدمج بعون الله وتوفيقه عاملا مساعدا على الإصلاح والاستصلاح