تأملات.... القادمون مثلي من المشرق العربي نحو الغرب واسبانيا تحديدا لابد لهم من عبور قلوبهم والتوقف قليلا لاجترار حديث الذكريات المؤلمة... لم يكن ابن زيدون و ولادة هما محورا الوتر الحزين بل الجنوب الاسباني بأكمله حديث ذكريات شجيه للعابرين بقلوبهم نحو الماضي ... إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا الأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِه كأنّهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا حينما تسير في ذلك السهل قاصدا تفقد (ماربيا) .. (ملقه) ومن قبلها تلتف يمنه لتلقي التحية على (فنخيرا لله) لابد لك أن تغمض عينيك وتعيد شريط الذكريات. تفتح عينيك على واقع مؤلم حينما تهم بالدخول إلي مسجد (فنخيرا لله) فتسبقك الأجراس لأن المبنى أصبح كنيسة ولم يعد مسجدا وحدها كلمة مسجد المكتوبة بالعربية كانت تستجدي قلوبنا للأسى وعيوننا للبكاء يقتلها الوحدة.. ولتكون شهادة على تاريخ أجدادنا .. تقابلك الوجوه فتتفحصها لتبحث عن ألأجداد فلا تجد شيئا.. ويقتلك الشعور بالندم حينما تكون الاجابه ..للأسف لقد أتيت متأخرا..بل متأخرا جدا. المياه كانت رفيقة أجدادنا في تلك الغربة التي طالت حتى أصبحت الديار ديارنا .. فلا تخلو غرفه أو ساحة من ساحات قصر الحمراء من بركة ماء لتروي ظمأ الصحراء التي سكنتهم. والرّوضُ، عن مائِه الفضّيّ، مبتسمٌ كما شقَقتَ، عنِ أللبات، أطواقَا يَوْمٌ، كأيّامِ لَذّاتٍ لَنَا انصرَمتْ بتْنَا لها، حينَ نامَ الدّهرُ، سرّاقَا و حدها شجرة البرتقال الضخمة التي جلبها أجدادنا معهم لتصبح ملتقى العشاق وتضفي على الجو شذى البرتقال ... كانت تنعي أهل الديار بشذاها الذي يلف سوق ماربيا لتقول للعابرين سلم على من سكن الديار واستأنس بذكراهم. جَادَكَ الغيثُ إذا الغيثُ هَمَى يا زَمانَ الوَصْلِ بالأنْدَلُسِ لم يَكُن وَصْلُكَ إلَّا حُلُمَا في الكَرَى أو خِلْسَةَ المُخْتَلِسِ أما زمان الوصل بالأندلس فلقد صليت عليه للتو صلاة الغائب فلم يعد للأندلس وصال ولم يعد لي فيها من يستحق الوصال سوى ذكريات مؤلمه .. واجترارها اشد ألما منها.. وأنا من انبح صوته بترديد موشح جادك الغيث .... و الغيث الذي كان حلم الطفولة فمجرد تباشيره تدخل على نفسي منذ الطفولة إرهاصة فرح عميق يحول الكون كله إلي ابتسامه عريضة ... أصبح هذا الغيث في مدينه مثل جده عندي وعند الأطفال هو إرهاصة كارثة . بين ماضي جميل وددت لو عشته لكي يضمني مجلس ولادة وابن خلدون واردد معهم يا زمان الوصل في الأندلس.. و بين وحلم طفولة جميل اسمه الغيث ( لا سامح الله من حوله كابوسا) أقف حزينا لأتلقى العزاء في بيت شعر عاش معي طول حياتي... جادك الغيث إذا الغيث همى "" يا زمان الوصل بالأندلس.