أحمد إليكم الله؛ وأصلي على رسول الله… الشيخ: محمد بن إبراهيم السبيعي… نشأ يتيم الأب.. يبحث عن قوته وأمه وأخيه عبدالله.. عاش مرحلة اليتم بكل تفاصيلها.. فأكسبت شخصيته القوة والعطف.. القوة من جهة مواجهة الحياة.. والعطف من ناحية الشعور بحاجة الآخرين.. عاش لأخيه عبدالله عطوفاً فعلّمه ووعظه وحفظه القرآن الكريم.. وقد تستغرب حينما تراهما حباً لبعضهما وتواضعاً بينهما حتى لكأنك تشعر أنهما نَفْس واحدة.. وقلب واحد ينبض.. عاشا سويًّا مع أمهما مرحلة اليتم وشظف العيش.. ثم عاشا سويًّا مرحلة بناء الذات.. ثم عاشا معا مرحلة بناء الثروة.. وعاشا معاً قصة الاستثمار مع الله فأوقفا لله وقفاً منجزاً لكل منهما.. في مجلس واحد.. وأسسا مؤسسة مانحة هي مؤسسة محمد وعبدالله إبراهيم السبيعي الخيرية.. يتسابقان إلى الخير سوياً.. ومن أعجب العجب أن تراهما وهما الشيخان الكبيران يحضران إلى أي اجتماع أو محفل لخدمة العمل الخيري بهمة ونشاط تستصغر همتك أمامهما.. يعملان للخير بشغف المحب وروح المتطلع لما عند الله والمتوثب لما يرجو.. قال لنا يوماً ولا أنسى: " قد يكون في الأعمال التجارية يقدم التاجر سوء الظن حتى يتثبت.. أما في العمل الخيري فالأصل حسن الظن حتى يثبت عكسه.. ومع كل هذا انتبه أين يكون الخير " كان الشيخ بوجهه الوقور.. وشخصيته القوية.. وتأثيره الواعي.. وحضوره الفاعل.. وقربه الحكيم من ولي الأمر وبذله السخي لخدمة المجتمع.. وحبه لكتاب الله تلاوة ومدارسة ودعماً.. بكل ذلك حاز مع أخيه عبدالله ثقة ولي الأمر.. ودعاء المجتمع.. واقتداء النظراء… أبو إبراهيم -رحمه الله- لم يكن متفرداً بالمال عن غيره فأرباب المال كثير.. لكنه تفرد عن كثير منهم بالوعي بقيمة المال فلم يكن بذخاً في استخدامه حتى على نفسه وأولاده.. ولكنه مع أخيه كان سخياً في البذل لخدمة عباد الله.. وسعى ليجعل الأبناء والأحفاد أن يكونوا كذلك… لقد رأيت في الشيخين محمد رحمه الله وعبدالله حفظه الله، الحرص على دعم اليتيم بتعليمه وليس بكفالته فقط.. وعلى الفقير بتمهينه لا بإطعامه فقط.. وعلى الشباب بتزويجهم بعد تأهيلهم للحياة ليعرفوا معنى الحياة المنتجة.. وعلى خدمة القرآن الكريم بتلاوته وحفظه والعمل به… لقد رأيت دمعتين ذرفتا من عينيه وأخيه وهما يريان فيلماً لمؤسسة البصر الخيرية وقد عالجا بدعمهما بإذن الله كفيفاً ذهب بصره، فلما رأيا صوته يتهلل حمداً لله أن رد عليه بصره ودعا لهما بالكرامة والتوفيق.. إن العمل لله سعادة تخالط النفوس؛ وتتلذذ بها القلوب؛ إنها شكر منك لربك أن أتاك من فضله فأعطيت مما أتاك عباده… لقد رأيت هذه اللذّة ماثلة في الشيخ وأخيه وبكل معانيها. ولك أن تعلم أيها القارئ الكريم أن الشيخ محمد -رحمه الله وغفر له- كان لا يحضر اجتماعاً رئيسياً في خواتيم حياته.. إلا لمؤسسته المانحة؛ وذلك دليل حبه للمعاويز وارتياحه لخدمتهم.. خذ من الرزق ما كفى ومن العيش ما صفى كل هذا سينقضي كسراج إذا انطفى يا رب تقبَّله بين يديك.. واجعله ووالدينا من ساكني الفردوس..