في ردهة خاصة من فندق بنسيولا بضواحي لوس أنجلوس اجتمع مستشار الرئيس الأمريكي "كارل روف" مع 48 شخصية هامة ونافذة من مجتمع هوليود السينمائي.. كان الهدف واضحاً " كيف تقوم صناعة التسلية – متمثلة بهوليوود – بالمساعدة في التصدي لحرب أمريكا ضد الإرهاب". أغلب الحاضرين من رؤساء الشركات الإعلامية وشركات الإنتاج السينمائي، وكان محور النقاش الأساسي كيف نستفيد من الفيلم والتلفزيون كأداة سياسية للحكومة لمساعدتها في خطتها الحالية؟!. "نحن خبراء الدعاية" قالها أحد المنتجين ضاحكاً! وأضاف "نحن الحلم الأمريكي وماكينة الدعاية، ولا نحتاج الكثير من التوجيهات من مستشار الرئيس للاضطلاع بالمسؤولية"! الرئيس الأمريكي طلب من شبكات البث التلفزيوني متابعة تطورات الحرب على الإرهاب وتثقيف الناس بها في أوقات الذروة للمشاهدين!!. الاستخبارات الأمريكية CIA عينت ضابط اتصال دائم مع هوليوود، أما وزارة الدفاع فقدمت قاذفات ومقاتلات وحاملة طائرات لأحد السينمائيين الذي أعد فيلماً عن الإرهاب، فضلاً عن التعاون المطلق مع المخرج وتقديم كافة المعلومات والمساعدات الممكنة لينجح الفيلم (وقد نجح الفيلم فعلاً!) ويؤدي الرسالة والهدف الذي تعمل من أجله الحكومة الأمريكية ألا وهو محاربة الإرهاب – حسب زعمها-. لم تكن هوليوود في حاجة إلى هذه التوجيهات فهي أصلاً تؤدي هذا الدور بشكل ممتاز، فالإرهاب من الخارج!، والأمريكي دائماً محل حسد!!، والنظام (الأمريكي) هو الأفضل والشر يمثله العربي والمسلم (وقديماً كان الشيوعي) والخير والمحبة في الأرض الأمريكية وهي حلم الناس وأملهم في الحياة الهانئة!. في غالب الأفلام الأمريكية تعرض وكالة التحقيقات الفيدرالية FBI كجهاز ممتاز يخدم المجتمع ويحميه من الأشرار والمجرمين، ورغم النقد القليل لأجهزة الشرطة والاستخبارات إلا أن الغالب أنها تعرض في صيغة مناسبة لحماية الناس والقضاء على الجريمة والممثلة أحياناً بالأقليات أو العرب أو المسلمين!. صحيفة لوموند كتبت عنواناً على صفحتها الأولى "كيف تكتب CIA أفلام هوليوود" وأشارت إلى العلاقة الوثيقة بين الجهتين وتعمق هذا التعاون بعد أحداث سبتمبر. بعض مسؤولي وكالة الاستخبارات الأمريكية يفاخرون بمساعدتهم لمخرجي السينما والتلفزيون على تقديم صورة صحيحة وموضوعية عن CIA. الرئيس الأمريكي وكبار معاونية يحرصون على مشاهدة أفلام هوليود "ومدى انطباقها مع السياسة الأمريكية" قبل نزولها للأسواق (أحياناً)!!. الخطورة تكمن إذا علمنا النفوذ الطاغي للإعلام الأمريكي وبالأخص السينما والتلفزيون على المشاهد الأمريكي بالتالي فإن جهود العشرات من المؤسسات الإسلامية في أمريكا يقضي عليها فيلم سينمائي أو برنامج تلفزيوني حاقد يمثل العرب والمسلمين بأبشع صورة. هذا فضلا عن حضور الإعلام الأمريكي في أوروبا وبقية العالم، حيث يقوم بصياغة للعقل الأوروبي وبطريقة الإيحاء وبما يبعده عن الإسلام ويشوه صورة حملته. تساؤل أخير: هل يمكن للعرب والمسلمين إنتاج أفلام عالية المستوى جيدة المحتوى توضح الصورة وتدافع عن الأمة، وتخدم القضية الإسلامية.. أرجو ذلك.