علمني الصبر وعلمني بذل أسباب الحل والعلاج والشفاء والقوة علمني كيف أتعلق بالله لأصل لواسع فضله وتعجيل فرجه علمني كيف أصبر ولماذا اصبر لا تجعل كلمة الصبر إبرة مخدرة تقتل الحق والبذل. الرسول عليه الصلاة والسلام: صبر على أذى قريش فلم يجاهدهم لضعف الأمة وقتها لكنه لم يجلس في بيته بل خرج للدعوة في الحج والأسواق السنوية وتجمعاتهم وذهب للطائف وعلم الصحابة وجعل لهم داراً للقاءات السرية هناك في الصفا هي دار الأرقم ودعا الله بإلحاح وكون علاقات خاصة لحماية الصحابة رضي الله عنهم وأمر أصحابه بالهجرة الأولى والثانية للحبشة. ولما وجد قبولاً من أهل يثرب التقى بهم في البيعة الأولى والثانية ورتب أمر الهجرة بالتفصيل. وتحرك أبو بكر رضي الله عنه لفدية العبيد والمستضعفين من الصحابة رضي الله عنهم. وتحرك الفاتحون الأوائل والعلماء كل فيما يسره الله ولم تقعد بهم المصاعب عن الصبر على البحث عن مخارج لها وليس مخرجاً واحداً فقط. صبر حقيقي وليس تخديراً تأتي الزوجة تشتكي ظلم زوجها فيكون الرد السريع اصبري. علموني كيف أصبر؟ يأتي الموظف أو الموظفة يشتكي ظلم الرئيس فيقال له فوراً اصبر. علموني كيف أصبر؟ يأتي المرض فيقال للمريض اصبر. علموني كيف أصبر؟ الصبر على قضاء الله والرضا به يختلف عن الصبر على الذل والقتل المستمر للفكر والهمة ويختلف عن الصبر على المرض من غير اتخاذ العلاج المشروع والاستخارة والاستشارة واختيار الجهة الأفضل والشكوى عن الإهمال المتكرر أو القاتل. والصبر على طاعة الله يختلف عن الصبر على معصية الله. فمن الصبر على طاعة الله اتخاذ الأسباب المشروعة للوصول للهدف المشروع والخروج من باب مغلق إلى أفق أوسع ومن الصبر على طاعة الله أن أتواصى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالشروط الشرعية لوقف فساد هنا أو هناك. ومن الصبر عن معصية الله أن أسعى لترك الأذى بإماطة الأذى المتعدد الذي يلحقني أو يلحق غيري بالشروط الشرعية لتحقيق نفع عام ومتعد دنيا وآخرة. الصبر يعني كمال الأمر في الطاعة والرضا. الصبر يعني تحقيق القوة للأعلى وليس دفعاً للقبر. الصبر نعمة فلا نجعله نقمة. الصبر بناء وليس فناء. الصبر تخطيط وليس تخليط. الصبر خلق محمود وعمل مقبول غير مردود وأجر ممدود وباب غير موصد وقرة عين دنيا وآخرة. وقد مدح الله عز وجل الصابرين في كتابه، وأخبر عز وجل أنه يوفيهم أجرهم بغير حساب، فقال عز وجل: ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر:10]، وأخبر الله عز وجل أن معيته للصابرين، وفي ذلك أفضل ترغيب للراغبين، فقال: (وَاصْبِرُوا إِنَّ الله مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال:46]. وجعل الله عز وجل الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين، فقال عز وجل: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ) [السجدة:24]، وجزم الله عز وجل بأن الصبر خير لأهله مؤكداً ذلك باليمين، فقال عز وجل: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل:126]، وأخبر الله عز وجل أن مع الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو، وإن كان ذا تسليط، فقال عز وجل: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شيئاً إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) [آل عمران:120]. وعلق الله عز وجل الفلاح بالصبر والتقوى، وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]. وبشر الله عز وجل الصابرين بثلاث، كل واحدة منها خير مما عليه أهل الدنيا يتنازعون، فقال عز وجل: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا إصابتهمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة:155-157]. وأخبر الله عز وجل أن الصابرين هم الفائزون بجنته والناجون من عذابه، فقال عز وجل: (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) [المؤمنون:111]. وقال عز وجل في أربع آيات من كتابه مشيراً إلى أن أهل الانتفاع بآياته هم أهل الصبر وأهل الشكر، فقال عز وجل: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) أهل الصبر وأهل الشكر هم الذين ينتفعون بآيات الله عز وجل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيراً وأوفى من الصبر). الآن هل ستعلمني كيف أصبر؟ كتبته:د.حياة باأخضر أستاذ مشارك. جامعة أم القرى.1438