يعلم الكثيرون أن الإعلام – بجميع أشكاله – لا يخلو من التحريف والدجل في أحيانٍ كثيرة، ولكن رُغم ذلك إلا أنهم قد يُسحرون بتلك الكلمات والصُور التي تُقدم لهم بعد أن تم رسمها ورصفها حسب "الرغبة". لا نجهل أنّ الإعلام كان ومازال سلاحًا خطيرًا منذ القدم، سواءً لحماس الجماعة أو لتثبيط العدو. يقول الأديب والفيلسوف مُصطفى محمود رحمه الله: "أخطر أسلحة القرن العشرين والإختراع رقم واحد الذي غير مسار التاريخ هو: جهاز الإعلام" على أية حال، قد بدأ هُنالك وعي يُثلج الصدر إلى حدٍ بعيد لدى المجتمع تجاه مايُحاك ضده خلف الكواليس الإعلامية. لنعود قبل 15 عام تحديدًا في يوم حادثة الأبراج الأمريكية الشهيرة 11 سبتمر 2001، فقد كانت الغالبية العُظمى من المجتمعات الإسلامية تشجّع وتفتخر بتلك الحادثة بغض النظر إن كانوا يتفقون أو يختلفون مع من نفّذها، وبطبيعة الحال؛ فقد صُور للعالم إعلاميًا أن عدد بسيط ممن ينتمون للقاعدة قاموا بتلك العملية، ولكنها مرّت الأعوام – وليست الأيام – وتدريجيًا بدأ ذلك الوعي ينموا – الوعي الإعلامي إن صح التعبير – حتى بدأ الناس يغيرون من آرائهم ويتخلصون من فكرة أن المسلمين قاموا بذلك وأنها مُجرد "فيلم" أمريكي ولم يعد من المناسب التفاخر به خاصةً بعد أن تم التأكد من أن تلك المسرحية خلفها مصالح غربية خطيرة وعظيمة على رأسها "الحرب على الإرهاب"، فلاحظ أنه اليوم أصبح شبه معدوم جدًا بأن تجد من يجهل تلك المسرحية أو يفتخر بها؛ بل العكس تمامًا، فكلما مرت فترة زمنية طويلة يزيد الوعي وترتفع الأذواق. ولذلك لم تنطلي خُدعة "داعش" على مُعظم المجتمع، بل حاربها المجتمع ونبذها بشدة ملحوظة، رُغم أن كذبة داعش انطلت على كثير من المجتمعات الغربية والسبب أنها لم تواجه دروسًا إعلامية كما واجهت مجتمعاتنا الإسلامية المُستهدفة دائمًا. الإعلام الحوثي مثال كذلك، والذي يرى الكثير أنّه "أغبى" إعلام قد واجهنا، فمع زيادة وعي المجتمع إلا أن الحوثي بالغ بشكلٍ زائد في حربه الإعلامية حتى أصبحنا نسخر منه بدلًا من أن نخاف ونجزع. أمّا تويتر؛ فهو أخطر جهة إعلامية على مجتمعنا اليوم، ورُغم الوعي الإعلامي الموجود إلا أنني أرى أن الكثير مازال يُصدّق أن ما يحدُث في تويتر وجلبتِه يُمثّل الواقع الإجتماعي تمامًا، أو أنّه يُمثّل حقيقة الشخصيات فيه، سواءً من الناحية المثالية أو التطرفيّة بجميع أشكالها يمينة أو يسارية. أحد أكثر القضايا التي يتداولها المغردون على تويتر هذه الأيام هي قضية ولاية الرجل على المرأة، فعندما يرى تكرار هذه القضية مرات ومرات، يجزع ويتصور أن غالبيّة المجتمع يُطالب بإسقاط الولاية، ولكن لو أنّه ألتفت قليلًا للواقع؛ لما وجد ذلك العدد الهائل على أرض الواقع، ولو أنّه قام بإستفتاء بسيط لتفاجأ أن الحقيقة تقول أنهم مُجرد شرذمة قليلة بيننا يثيرون قضايا كهذه القضية، والعدد الأكبر من خارج مجتمعنا الرائع بمُحافظته على القيم الإسلامية والإجتماعية! كثير من الإستفتاءات تمت على مستوى تويتر في قضايا كثيرة تثير الإشمئزاز وتُخالف قيمنا، لكن نتائجها كانت مُفرحة لنا؛ مُخيّبة لآمال أصحابها وتوجهاتهم الخارجة على المجتمع، المائلة للقيم الغربية. الرسالة التي نُريد إيصالها هي: أن تويتر – بشكله السلبي خاصةً – وغيره من مواقع التواصل الإجتماعي، لا تُمثل واقعنا الحقيقي، فما هي إلا كالأحلام التي نعايشها قليلًا في يومنا، وعندما نفتح أعيننا على "الحقيقة"، لا نجد إلا واقعًا يُصادم تلك الأحلام المُزعجة، وتلك المشاحنات والفِرقة. وكما قلنا، تويتر لا يُمثل إلا نسبة قليلة من الواقع سواءً على المستوى الشخصي أو الإجتماعي، فلا تجزع ولا تتحمس؛ مُجرد عالم آخر بِهِ ضجيج، وعندما ترفع رأسك عنه، لا تجد إلا الهدوء والتماسُك. فافصلوا بين أوهام "تويتر" وحياة مُجتمعنا المُحافظ الثمين.