أكد العلامة الشيخ عبدالمحسن بن حماد العباد أن ما يقوم به بعض المؤذنين في المسجد النبوي قبل صلاة العيد بالتكبير الجماعي في مكبر الصوت بدعة ولا يوجد أصل ولا دليل عليه في الكتاب ولاالسنة يعوَّل عليه، مشيرا إلى أنه من الأمور المحدثة. وأضاف فضيلته، أن ما عرف من السنة المطهرة، وعن السلف الصالح أن الأصل في التكبير هو الأفراد، أي يكبر كل مسلم على حدة، مؤكدا أن هذا هو السائغ شرعاً، كما أبان فضيلة الشيخ أن التكبير الجماعي أنكره العلماء المحققون في هذه البلاد وغيرها، ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وعبد العزيز بن باز رحمهما الله واللجنة الدائمة للإفتاء والشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله والشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله. وأشار الشيخ العباد إلي ما قاله سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاواه (13/21) حيث وصف التكبير المشروع بقوله "أن كل مسلم يكبر لنفسه منفرداً ويرفع صوته به حتى يسمعه الناس فيقتدوا به ويذكرهم به، أما التكبير الجماعي المبتدع فهو أن يرفع جماعة اثنان فأكثر الصوت بالتكبير جميعاً يبدأونه جميعاً وينهونه جميعاً بصوت واحد وبصفة خاصة، وهذا العمل لا أصل له ولا دليل عليه، فهو بدعة في صفة التكبير ما أنزل الله بها من سلطان، فمن أنكر التكبير بهذه الصفة فهو محق؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) أي مردود غير مشروع، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة))، والتكبير الجماعي محدث فهو بدعة، وعمل الناس إذا خالف الشرع المطهر وجب منعه وإنكاره؛ لأن العبادات توقيفية لا يشرع فيها إلا ما دل عليه الكتاب والسنة، أما أقوال الناس وآراؤهم فلا حجة فيها إذا خالفت الأدلة الشرعية، وهكذا المصالح المرسلة لا تثبت بها العبادات، وإنما تثبت العبادة بنص من الكتاب أو السنة أو إجماع قطعي، والمشروع أن يكبر المسلم على الصفة المشروعة الثابتة بالأدلة الشرعية وهي التكبير فرادى، وقد أنكر التكبير الجماعي ومنع منه سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية رحمه الله وأصدر في ذلك فتوى، وصدر مني في منعه أكثر من فتوى، وصدر في منعه أيضا فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وألف فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله رسالة قيمة في إنكاره والمنع منه، وهي مطبوعة ومتداولة وفيها من الأدلة على منع التكبير الجماعي ما يكفي ويشفي والحمد لله)). ونوه فضيلته إلى فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء (8/310311) الفتوى رقم (8340) ، والتي كان نصها ((يكبِّر كلٌّ وحده جهراً؛ فإنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم التكبير الجماعي، وقد قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، والفتوى رقم (9887) ونصها: ((التكبير مشروع في ليليتي العيدين وفي عشر ذي الحجة مطلقاً وعقب الصلوات من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؛ ونقل عن الإمام أحمد رحمه الله أنه سئل: (أي حديث تذهب إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: الإجماع)، ولكن التكبير الجماعي بصوت واحد ليس بمشروع بل ذلك بدعة؛ لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، ولم يفعله السلف الصالح لا من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعيهم وهم القدوة، والواجب الاتباع وعدم الابتداع في الدين))، وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعليقاً على حديث رقم (171) من السلسلة الصحيحة: ((ومما يحسن التذكير به بهذه المناسبة أن الجهر بالتكبير هنا لا يُشرع فيه الاجتماع عليه بصوت واحد كما يفعله البعض، وكذلك كل ذكر يُشرع فيه رفع الصوت أو لا يُشرع فلا يُشرع فيه الاجتماع المذكور)). كما أشار فضيلته إلى ما أورده الإمام البخاري في صحيحه أثرين معلقين، أحدهما عن ابن عمر وأبي هريرة والآخر عن عمر رضي الله عنهم، فقال في ((باب فضل العمل في أيام التشريق)) قبل حديث ابن عباس (969) في فضل العمل في أيام العشر، قال: ((وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر، يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما))، قال الحافظ في شرحه: ((لم أره موصولا عنهما))، وقال البخاري في أول الباب الذي يليه: ((وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبّته بمنى، فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً))، وقد ذكر الحافظ في شرحه أنه وصله سعيد بن منصور وأبو عبيد القاسم بن سلام، والأثران لا يدلان على التكبير الجماعي، بل يدلان على رفع الصوت منهم رضي الله عنهم بالتكبير لتذكير الناس به، فيتذكرون ويكبر كل واحد رافعاً صوته على حدة. وفي نفس السياق، أكد الشيخ العباد أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الطاعات المشروعة في كل وقت وحين، لكنه لا يؤتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا بغيرها من الأذكار بصوت جماعي، بل كل فرد يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر الله على حدة، ملفتا إلى ما حصل من بعض المؤذنين في المسجد النبوي قبل صلاة عيد الفطر عام 1431ه، حيث قاموا بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي في مكبر الصوت، قائلين: ((اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وعلى أزواج سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد)).