الجودة هي مجموعة المعايير الواجب مراعاتها والالتزام بها من قبل أي مؤسسة، والهدف هو الوصول لمستوى يليق بالخدمات والمنتجات التي تقدمها تلك المؤسسة، لكن لنكن أكثر واقعية هل بقيت هذه الجودة حكرا على تعاريف نظرية وشعارات أبعد ما يمكن عن مؤسساتنا، أم أننا التزمنا بها وحققت لنا مخرجات ذات جودة حقيقية . لا أحد يمكنه أن ينكر تجاهل المؤسسات التعليمية لمعايير الجودة ، وإنّ هذا التجاهل يأتي في كثيرٍ من الأحيان عن قناعات بعض قادة تلك المؤسسات، والذين لم يعيروا أي اهتمام لمعايير الجودة وتطبيقها، مع غياب ثقافة الجودة وفائدتها المادية والمعنوية، لتفتقر مؤسساتنا لأدنى نماذج الجودة كنتيجة طبيعية لتلك العوامل . نجد أن شعارات الجودة ملأت مؤسساتنا نظريا دون القناعة بها أو القدرة على الإقناع، والمتأمل لواقع التعليم لدينا وبعد عدة سنوات من تبنيها للجودة نجد أنها لم تتجاوز نشر الثقافة ليس أكثر، وإن كان لدينا نظرة تفاؤل لتلك المؤسسات لذكرنا أن هناك نسبة قليلة من بعض تلك المؤسسات تبنت تطبيق الجودة على استحياء، ولو بحثنا في جميع مؤسساتنا التعليمية الحكومية أو الأهلية لأصبح لدينا قناعة بأننا نفتقد إلى نموذج حقيقي يطبق الجودة باحترافية في جميع ممارسات المؤسسة، قد نجد شعارات ترفع هنا أو هناك ولكن إذا دخلنا في عمق المؤسسة يبدأ الخلل في الظهور . وبعيدا عن قادة المؤسسات التعليمية لا يمكن تطبيق الجودة إن لم نوجد ثقافة الجودة الشخصية، والتي تنطلق في تعاملاتنا وحياتنا اليومية وما نتعلم فيها من مواقف وخبرة في الحياة، فإن لم نسعى لأن نحقق أفضل ما يمكن لأنفسنا بتطويرها لتقديم الأفضل فلن نستطيع أن نتبنى تطبيق الجودة في عملنا ولن نكون قدوة لغيرنا، فالبداية الصحيحة و كخطوة أولى تكون بالجودة الشخصية في حياتنا وأن نقدم الحد الأعلى في أعمالنا (ففاقد الشيء لا يعطيه) . بعض قادتنا الكرام وإن كانوا يدركون أهمية تطبيق الجودة ومعاييرها، إلا أنّهم يعتبرون تطبيق الجودة عمل اضافي لمهامهم، مع أن كل قائد يبحث عن النجاح لمؤسسته ويرغب في أن يكون قائدا ناجحا، وتطبيق الجودة يضمن نجاح أي مؤسسة ويضمن التحسين المستمر بما يحقق رضا المستفيد، ويضمن كذلك نجاح القائد لأنه سيخلق بيئة جاذبة للعمل . الجودة تعني الإتقان، والعمل الناجح يعني الإتقان، ذلك يعني أنّ الجودة هي العمل الناجح والمعايير الواضحة التي تضع خطّة النجاح لأي مؤسسة ولا ننسى قول الرسول صلّى الله عليه وسلم: " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " فإذا ما أردنا النجاح علينا الارتقاء بأعمالنا وذلك من خلال خطط مستقبلية تصفها لنا جودة عملنا الحالي وما يجب تقديمه للمستقبل، فإن لم تتغير القناعات بعيدا عن التنظير فلن نستطيع تجاوز مرحلة نشر ثقافة الجودة إلى سنوات قادمة.