قضت محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ في مصر، اليوم الخميس، حكماً بالسجن 25 عاماً على طارق عبدالرازق، الذي أدين بالتجسس لحساب إسرائيل، وحكم غيابياً على ضابطين إسرائيليين يعملان لحساب الموساد. وكشف المستشار هشام بدوي، المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة، أن المتهم تخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، واتفق مع الإسرائيليين على العمل لصالح "الموساد" الإسرائيلي، وإمداده بتقارير عن مصريين يعملون في مجال الاتصالات، لانتقاء من يصلح منهم للتعامل مع المخابرات الإسرائيلية. واتهمت النيابة عبدالرازق بالقيام بعمل عدائي ضد دولة أخرى بالمنطقة، وهو عمل من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات الدبلوماسية والسياسية معها نتيجة اتصاله مع سوريين ولبنانيين، لانتقاء من يصلح منهم للعمل مع الموساد، ونقل معلومات من أحد الجواسيس الإسرائيليين في سوريا لصالح إسرائيل، وقال النائب العام إن المتهم المصري قام بكل هذه الأعمال المخابراتية مقابل حصوله على 37 ألف دولار. وكشفت التحقيقات أن هيئة الأمن القومي أبلغت أن المتهم طارق عبدالرازق حسين مدرب الكونغ فو سافر إلى الصين في 2006 للبحث عن عمل، وأثناء تواجده هناك بادر من تلقاء نفسه بداية عام 2007 بإرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني لموقع جهاز المخابرات الإسرائيلية مفادها أنه مصري ومقيم في دولة الصين، ويبحث عن فرصة عمل ودوّن بها بياناته ورقم هاتفه. وخلال شهر أغسطس/آب 2007 تلقى اتصالاً هاتفياً من المتهم الثالث جوزيف ديمور، أحد عناصر المخابرات الإسرائيلية، حيث اتفقا على اللقاء بدولة الهند ومقابلته بمقر السفارة الإسرائيلية، وتم استجوابه عن أسباب طلبه للعمل مع جهاز الموساد، ثم تسليمه 1500 دولار مصاريف تنقلاته وإقامته. تدريبات من الموساد وأضافت التحقيقات أن المتهم الأول سافر في مارس/آذار 2007 إلى تايلند بدعوة من المتهم الثالث جوزيف ديمور، حيث تردد عدة مرات على مقر السفارة الإسرائيلية بها وقدمه المتهم الثالث إلى عنصر تابع للمخابرات الإسرائيلية يدعى "إيدي موشيه"، "المتهم الثاني في القضية"، والذي تولى تدريبه على أساليب جمع المعلومات بالطرق السرية، وكيفية إنشاء عناوين بريد إلكتروني على شبكة المعلومات الدولية، كما كلفه بالسفر إلى كل من كمبوديا ولاوس ونيبال لاستكمال التدريبات، وسلمه جهاز حاسب آلي محمول مجهز ببرنامج آلي مشفر يستخدم كأداة للتخابر والتراسل معه دون معرفة الخطوات الخاصة باستخدامه. وأوضحت التحقيقات أن المتهم الأول تلقى تدريبات على كيفية تشغيل هذا البرنامج، كما تسلم حقيبة يد للحاسب الآلي تحتوي على وسيلة إخفاء مستندات ونقود و"بلوك نوت" معالج كيميائياً، وجهاز هاتف محمول به شريحة تابعة لشركة في "هونغ كونغ". وأشارت التحقيقات إلى أن المتهم الثاني "إيدي موشيه" أمد المتهم الأول بمبلغ خمسة آلاف دولار أمريكي قيمة مصاريف إنشاء شركة استيراد وتصدير مقرها دولة الصين، وكلفه إنشاء عنوان بريد إلكتروني عبر شبكة المعلومات الدولية على موقع "هونغ كونغ" باسم حركي "خالد شريف" بصفته مديراً لتلك الشركة، سعياً للبحث عن أشخاص من داخل دولة سوريا تعمل في مجال تصدير زيت الزيتون والحلويات والتسويق العقاري، لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية. وأكدت التحقيقات أن عبدالرازق سافر عدة مرات إلى سوريا للوقوف على الإجراءات الأمنية في الشارع السوري، والتقى العديد من أصحاب تلك الشركات متخذاً اسماً حركياً "طاهر حسن"، وأعد تقارير بنتائج زياراته قدمها للمتهم الثاني "إيدي موشيه" في حضور أحد عناصر جهاز الموساد يدعى "أبوفادي"، والذي تولى استجواب الجاسوس الإسرائيلي تفصيلياً عن الإجراءات الأمنية داخل مطار دمشق وكثافة التواجد وكشفت التحقيقات أن أبوفادي، أحد أعضاء الموساد الإسرائيلي، أبلغ الجاسوس خلال أحد اللقاءات بأن له صديقاً سورياً يعمل بأحد الأماكن الهامة هناك، وبجانب ذلك أكدت التحقيقات أيضاً أن الجاسوس سافر إلى سوريا عدة مرات والتقى عميل الموساد بها، وحصل منه على معلومات سرية تولى حفظها وتشفيرها من خلال جهاز الكمبيوتر المحمول، كما أعطى عميل الموساد بسوريا مبالغ مالية قدرها 20 ألف دولار أمريكي، مقابل تلك المعلومات التي تحصّل عليها منه، وسلّمه شريحة هاتف محمول تعمل على شبكة "هونغ كونغ"، لتكون وسيلة اتصال بينه وأبوفادي، أحد عناصر الموساد. وقد تبين في تحقيقات الجلسات السرية للقضية أن رجال المخابرات العامة المصرية بالتعاون مع نيابة أمن الدولة العليا، ممثلة في المستشار طاهر الخولي المحامي العام، تمكنوا من ضبط جهاز معلومات ممنوح من الموساد لعبدالرازق، به معلومات خطيرة تمس الأمن القومي لإحدى الدول العربية، وتعرض سياسة مصر الخارجية مع الدول الشقيقة لمشاكل نحن في غنى عنها. وكانت هذه المعلومات حلماً لجهاز المخابرات الإسرائيلي أن يحصل عليها، وكان هذا المتهم على مدار 3 سنوات صيداً ثميناً يحافظون عليه بكافة الطرق والوسائل، إلا أن جهد جهاز المخابرات العامة المصرية استطاع أن يرد عليهم.