أعلنت القاهرة، أمس، تفكيك شبكة تجسس، تضم مصرياً وإسرائيليين اثنين، كانت تعمل على جمع المعلومات وتجنيد عملاء للدولة العبرية ليس فقط في مصر بل أيضاً في سورية ولبنان. وأحال النائب العام المصري المستشار عبدالمجيد محمود المتهمين الثلاثة، وهم المصري طارق عبدالرازق حسين حسن (37 عاماً)، قيد الاعتقال، والإسرائيليين إيدي موشيه وجوزيف ديمور (خارج البلاد)، على محكمة جنايات أمن الدولة العليا (طوارئ) بتهمة التخابر لمصلحة إسرائيل ومحاولة الإضرار بمصالح مصر. وأوضح المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة المستشار هشام بدوي في مؤتمر صحافي أمس أن الشبكة كانت تهدف إلى اختراق شبكة الاتصالات المصرية وتجنيد بعض موظفي شركاتها للعمل لمصلحة دولة أجنبية، إلا أنه قبض على المتهم الأول طارق عبدالرازق في مطار القاهرة في آب (أغسطس) الماضي وبحوزته حقيبة تحوي جيوب سرية. وأشارت مصادر أمنية ل «الحياة» إلى أن الخيوط الأولى للقضية بدأت تتكشف في العام 2007 عندما أرسل المتهم المصري رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى «موساد»، لافتة إلى أن محتوى الرسالة التي رصدتها الأجهزة الأمنية أشارت إلى أنه مصري مقيم في الصين ويبحث عن عمل، بالإضافة إلى كل بياناته الشخصية ورقم هاتفه. وأضافت أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من «موساد» في آب (أغسطس) العام 2007، تم رصده أيضاً، واتفق فيه مع ضابط الاستخبارات الإسرائيلية جوزيف ديمور (المتهم الثالث في القضية) على لقاء سري في الهند «وضعوا خلاله تفاصيل التعاون المشترك بينهما». وتلقى عبدالرازق 1500 دولار كبداية للتعاون بين الجانبين. من جهتها، نفت مصادر في الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول (موبينيل) ما تضمنته تقارير صحافية عن تورط مسؤولين في الشركة في قضية التجسس. وأكدت أن «الأشخاص الذين ذكرت أسماؤهم لا يعملون في الشركة، كما أنه لا يوجد أي مسؤول أو موظف من العاملين لديها تجري معه أي تحقيقات». وأعلن بدوي أن المتهمين الثلاثة عملوا على امداد الاستخبارات الاسرائيلية «بالتقارير والمعلومات عن بعض المسؤولين الذين يعملون بمجال الاتصالات لانتقاء من يصلح منهم للتعاون منهم مع الاستخبارات الإسرائيلية بغية الإضرار بالمصالح المصرية». ونسبت النيابة إلى المتهم الأول المصري أيضاً أنه «قام بعمل عدائي ضد دولتين أجنبيتين (سورية ولبنان) من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات السياسية معهما، بأن اتفق بالخارج مع المتهمين الإسرائيليين ولمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية على إمدادها بتقارير معلومات عن بعض السوريين واللبنانيين لانتقاء من يصلح منهم للتعاون مع الجانب الإسرائيلي، وبنقل تكليفات من تل أبيب لأحد عملائها في سورية، وهو الأمر الذي من شأنه تعريض الدولة المصرية لخطر قطع العلاقات السياسية مع هاتين الدولتين (سورية ولبنان)». وأكدت النيابة أن المتهم المصري «أخذ من المتهمين الإسرائيليين 37 ألف دولار أميركي نظير التعامل معهما... وان الإسرائيليين الهاربين (إيدي موشيه وجوزيف ديمور)... ساعداه بأن تحملا نفقات سفره وإقامته في دول الهند وتايلاند وسورية ونيبال ولاوس.. وأمداه بجهاز حاسب آلى (كمبيوتر) مشفر لاستخدامه في حفظ المعلومات والتراسل». وأوضح ملف التحريات الذي حصلت على نسخة منه «الحياة» أن طارق عبدالرازق الذي عمل مدرباً رياضياً (كونغ فو)، تلقى تدريباً على كيفية تشغيل برنامج «مشفّرة»، وتسلم جهاز هاتف محمول به شريحة تابعة لشركة في هونغ كونغ. . وأشارت التحريات إلى أنه تنفيذاً لتكليفات موشيه، سافر عبد الرازق مرات عدة إلى سورية للوقوف على الإجراءات الأمنية، والتقى عدداً من أصحاب الشركات السورية متخذاً اسماً حركياً هو «طاهر حسن» وأعد تقارير عن نتائج زياراته قدمها إلى موشيه في حضور أحد عناصر جهاز «موساد» ويدعى «أبو فادي» الذي تولي استجوابه تفصيلياً عن الإجراءات الأمنية داخل مطار دمشق وكثافة الوجود الأمني في الشارع السوري. وذكرت التحريات أن عبدالرازق سافر إلى سورية أكثر من مرة والتقى بشخص سوري، وحصل منه على «معلومات سرية» تولى حفظها و «تشفيرها» وتسليمها إلى «موساد»، لقاء 20 ألف دولار. وأشارت التحريات إلى أن موشيه كلف عبدالرازق وضع إعلانات جاذبة عبر شبكة إنترنت عن وظائف شاغرة في كل التخصصات عن مهندسين يعلمون في شركات الاتصالات بكل من مصر ولبنان وسورية على أن يسعى لاحقا الى تجنيدهم لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية.