أكدت هيئة علماء المسلمين في العراق أنها تعيش الحدث مع المعتصمين والمتظاهرين لحظة بلحظة، والهمّ محطة بمحطة، ونبهت إلى ثلاثة أمور مهمة تفاقمت بعد اليوم الدموي الذي عاشته الحويجة والتطورات التي طرأت على المشهد العراقي. وقالت الهيئة في رسالة مفتوحة وجهتها إلى أهل محافظة الأنبار الذين يواصلون صمودهم وثباتهم في ساحات العزة والكرامة؛ إن الثورة التي تألقت في حراكها الجماهيري وقدمت تضحيات وشهداء في عدد من المحافظاتالعراقية؛ تتطلع إلى أهل الأنبار وتحسن الظن بهم، وترى أن الحسم مؤمل أن يأتي من قبلهم، محذرة إيّاهم من أن يخيبوا ظنونهم، ويحبطوا آمالهم. واستسمحت الهيئة في رسالتها، أهل الأنبار بقبول ثلاثة أمور وأعربت عن أملها في أن يأخذ المعتصمون بها؛ كما حذرت من خطورة ما يجري على أرض الأنبار من محاولات تهدف إلى احتواء حماس المتظاهرين وهدر ما شيدوه من مجد، وتضييع ما حصلوا عليه من مكاسب لفتت أنظار العالم نحوهم، وأيقظت الضمير الدولي تجاههم على مدى مائة وثلاثين يومًا. وأوضحت الرسالة أن من بين تلك المحاولات المشبوهة؛ الدعوة إلى تأمين المحافظة والاقتصار في الاهتمام عليها تحت شعار الأقلمة أو الفدرلة، مؤكدة أن حقيقة تلك الدعوة ما هي إلا تفريط بالقضية العراقية التي سفك من أجلها الكثير من الدماء ولاسيما دماء الأنباريين، وأن هذه الدعوة ستظهرهم أمام العراقيين والعالم كأنهم جزء منفصل عن العراق. وذكّرت الهيئة معتصمي الأنبار وغيرها من المحافظات الثائرة بما قاموا به من حرق المطالب، والمطالبة بإسقاط الحكومة الحالية ودستورها ومحاكمة من سفكوا الدم العراقي البريء، وعدّت ذلك مطلبًا واقعيًا وقانونيًا وشرعيًا، لكنها نبهت مجددًا إلى أن هذه الأهداف تحتاج إلى سعي جاد يتجاوز لغة الخطابات، مشددة على ضرورة أن لا يشغل أهل الأنبار شيء عن الهدف الأساسي في تحرير العراق ومعاقبة الظالمين، ووضع حد لهذا الكابوس الذي يخيم على العراقيين منذ عشر سنين. ودعت الهيئة في رسالتها المعتصمين والمتظاهرين إلى حُسن اختيار القادة الذين يتصفون بالثقة، وحذرت من أصحاب الكلام المعسول الذين يتبنون في العلن مواقف المتظاهرين، ولكنهم في الخفاء يستغلون مشاعرهم وحماسهم لتحقيق أهداف ومصالح خاصة، محذرة من الذي كان بالأمس يعلن رفضه للمفاوضات، لكنه اليوم وبانقلاب مفاجئ يدعو إليها ليقبض ثمن التفافه على جهود المتظاهرين وصبرهم. كما طالبت المعتصمين والمتظاهرين بالثبات في ساحات الاعتصام، وعدم مغادرة مواقعهم، والاستمرار في المطالبة بحقوقهم المشروعة، وعلى النحو السلمي الذي ساروا عليه طيلة الأشهر الماضية، مخاطبة الجميع بالقول: إن المالكي ما جمع الحشود، وما أطلق تهديداته وبالغ في وعيده إلا لإحساسه بأن اعتصامكم بدأ يضيّق عليه الخناق دوليًا، ويشعره بقرب جنيكم ثمار هذه التظاهرات والاعتصامات. وفي ختام رسالتها وجهت هيئة علماء المسلمين تحياتها وخالص دعائها للمعتصمين، واصفة فرصة الحراك الجماهيري والشعبي التي يشهدها العراق اليوم بأنها ذهبية لن تتكرر، وأنها إذا فاتت فمن الصعوبة بمكان أن يتخلص العراقيون من هذا الكابوس الذي ربما يبقى جاثما على صدورهم لسنوات قادمة.