اعترفت وزارة الصحة بالعديد من المشكلات التي تواجهها، كمشكلة نقص أسرة المستشفيات، وتقادم البنية التحتية للمنشآت الطبية طول مدة انتظار المريض، وصعوبة الحصول على الخدمات الصحية خارج المناطق الرئيسية، ونقص القوى العاملة، وتدني المستوى الفني والإداري، وضعف الإنتاجية لدى العاملين في المجال الطبي، وانخفاض ثقافة احترام المريض، والازدحام وضعف نظم سلامة المريض. وكشفت الدراسة التي أعدها وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتطوير الدكتور محمد حمزة خشيم، بعنوان "الخدمات الصحية في المملكة الواقع والمستقبل"، وألقاها خلال ندوة الخدمات الصحية المقدمة من وزارة الصحة "الواقع والتطلعات المستقبلية" التي نظمها معهد الإدارة العامة بالرياض أمس، أبرز التحديات التي تواجه مستقبل الخدمات الصحية في المملكة، وهي ارتفاع تكلفة الخدمات الصحية في المملكة والعالم، تبعاً لارتفاع تكاليف الأدوية، والتجهيزات الطبية والتقنية، وارتفاع مرتبات القوى العاملة، وتزايد الأمراض المزمنة، والزيادة السكانية المضطردة. وخلصت الدراسة إلى أن معدل الأسرّة في المملكة يعد منخفضاً مقارنة بالمعدل الأوروبي، حيث بلغ ما نسبته 2.2 سرير لكل ألف نسمة، في حين تجاوز المعدل نسبة 5.8 في بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الأوروبي، وبلغ 3.2 في الولاياتالمتحدة الأميركية، بينما حصلت اليابان على النسبة الأعلى بمعدل 14 سريرا لكل ألف نسمة، وألمانيا 8.3. ورغم تخصيص حكومة المملكة ميزانية عالية للخدمات الطبية تجاوزت 16 مليار ريال، إلا أن معدل الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية مقارنة بالإنفاق الحكومي الكلي اعتبر بحسب الدراسة من أقل المعدلات العالمية، ففي حين جاءت نسبة الإنفاق الحكومي على الصحة في المملكة 8.4 %من الإنفاق الكلي، بلغت ذات النسبة 19.5 %و 15.6% في كل من أميركا وبريطانيا على التوالي، بينما بلغ المعدل في دول أوروبا قرابة 18%. وجاءت كلمة وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة، والتي افتتح بها أعمال الندوة معلنة عن وضع حلول لأبرز مشكلات الصحة في المملكة، إذ أشار في كلمته إلى إطلاق برنامج إلكتروني لقياس مستوى رضا المستفيدين من الخدمات الصحية المقدمة للمرضى، بجانب عدة برامج للتطوير التقني والإداري والفني. وأوضح الدكتور الربيعة أن وزارته وضعت برامج وخططا تنفيذاً للأوامر الملكية بتطوير قطاع الصحة في المملكة، وفي مقدمة تلك البرامج المشروع الوطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة، ويهدف إلى شمول التوزيع والعدالة والجودة وسهولة الوصول للخدمات الصحية، إضافة إلى وضع معالم ومعايير واضحة لمستوى الخدمة وكلفتها وتوزيعها مبنية على المعايير العالمية والوطنية، لافتاً إلى أن المشروع سيحقق بعد اعتماده وتنفيذه تطلعات الجميع. وأكد الدكتورالربيعة أن وزارة الصحة تتبنى شعار "المريض أولاً" ، وتعمل على تنفيذ العديد من المشاريع الكبيرة في جميع مناطق المملكة، مشيراً إلى أن توجيهات خادم الحرمين الشريفين بإنشاء المدن الطبية جاءت لخدمة كافة مناطق المملكة لتحقق أعلى مستويات الرعاية الصحية بشكل متوازن وعادل. وأضاف أن من ضمن برامج تحسين مستوى الخدمات الطبية، برنامج إدارة الأسرّة وجراحة اليوم الواحد وعلاقات المرضى والطب المنزلي واستئجار الخدمة وإدارة الجودة والمراجعة السريرية. ولفت إلى أن الرعاية الصحية يواجهها العديد من التحديات على المستوى الوطني والعالمي، نظراً لصعوبة الحصول على الكوادر المؤهلة بمستوى عال وطول الوقت اللازم لتنفيذ المشاريع بطريقة علمية مدروسة، إضافة إلى ارتفاع سقف تطلعات المستفيدين من هذه الخدمات. من جانبه، أشار مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الشقاوي إلى أن الندوة جاءت في إطار خطةِ البرامج العليا بالمعهد، بهدف تسليط الضوء على واقع الخدمات الصحية المقدمة من وزارة الصحة، والتحديات التي تواجهها وسبل تطويرها، موضحاً أن تحسين وتطوير الخدمات الصحية من أهم القضايا التي تواجه القطاع الصحي في المملكة والذي حرصت المملكة على دعمه من خلال الإنفاق الحكومي على الصحة بما يزيد عن 9 % من نسبة الإنفاق الكلي. وقال الشقاوي إنه برغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة في سبيل تقديم أفضل خدمات صحية ممكنة للمستفيدين إلا أن نتائج بعض البحوث وأوراق العمل الاستطلاعية حول واقع الخدمات الصحية في المملكة أظهرت تقادم البنى التحتية في بعض المرافق الصحية. إلى ذلك، بينت دراسة تناولت قياس الرأي العام حول الخدمات الصحية في المملكة، وأجراها مدير عام إدارة الدراسات والبحوث والنشر بمركز الحوار الوطني الدكتور محمد الشويعر، انخفاض مستوى قناعة عينة الدراسة بكفاءة الأداء الصحي، وقلق المجتمع من تكاليف العلاج الخاص، وعدم توفر الخدمات الصحية الحكومية. وأبدى أكثر من ثلثي عينة الدراسة الذين بلغوا 2285 مشاركا عدم قناعتهم بتوافر الخدمات الطبية بشكل ملائم لحجم السكان، ورأى 66% منهم صعوبة فرص العلاج في المستشفيات الحكومية، بينما يلجأ 82% للعلاج في القطاع الصحي الخاص بسبب عناء طول الانتظار في المستشفيات الحكومية. وأوضحت الدراسة، أن 70% من أفراد العينة يرون أن تكاليف العلاج في القطاع الخاص عالية جداً، كما أبدى نصف العينة قناعتهم بأن الطاقم الطبي والإداري في القطاع الخاص أعلى مهنية، وجودة في الأداء من القطاع الحكومي، وبلغت نسبة من أبدوا عدم تخوفهم من انتشار ظاهرة الأخطاء الطبية 5% فقط من عينة الدراسة. من جهة أخرى، أشارت دراسة لقياس الرضا العام عن الخدمات المقدمة في مستشفيات وزارة الصحة، إلى أن 70.6% راضون عن تلك الخدمات.