أتضح للعيان موقف المعارضة اليمنية بعد رفضها تقديم أي تنازلات إضافية من شأنها إطالة عمر النظام القائم في البلاد وإبقاء الرئيس علي عبد الله صالح على رأس السلطة لفترة أطول، بعد تراجعه عن التوقيع على المبادرة الخليجية التي كان على وشك إنجازها الأسبوع الماضي بحجة عدم قانونية التوقيع عليها بصفته الرسمية مفضلاً التوقيع عليها بصفته الحزبية ، وبهذه الطريقة أعادت المعارضة الكرة مرة أخري في ملعب أصحاب المبادرة الذين اشترطوا على الطرفين عدم إضافة أي حرف على المبادرة وإصرارهم على أن يقبلها الطرفان كما هي من دون تعديل أو يرفضانها بشكل صريح، وهو ما دفع الطرفان إلى قبولها، رغم تحفظات كل طرف على بعض بنودها ، ومما يشعل الثورة يوماَ بعد يوم تردي الأوضاع ، وعدم توفير متطلبات الشعب من الخدمات الاجتماعية والمعيشية حيث بات يمارس العقاب الجماعي ضد الشعب في ما نشهده من ترد في هذه الخدمات ونقص وانعدام كامل للغاز والبنزين والديزل" . وجاء هذا الموقف للمعارضة في سياق بيان رسمي أعقب لقاء ضم أحزاب اللقاء المشترك وشركاءها في اللجنة التحضيرية العليا للحوار الوطني، حيث جددت تمسكها بالمبادرة الخليجية بنسختها الأخيرة المسلمة إليهم من قبل الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني في الحادي والعشرين من أبريل الماضي بالقول: "تمسكنا بتأكيدات الأشقاء بأنهم لن يقبلوا بتغيير أو تبديل حرف واحد في الاتفاق" . وأضاف البيان: "لقد تحمل اللقاء المشترك وشركاؤه مسؤوليتهم في استمرار العملية السياسية في التعاطي الايجابي مع المبادرات التي تحدثت عن انتقال سلمي للسلطة وقبلنا التعديلات تلو التعديلات، والتي كانت تأتي كل مرة كاستجابة من الأشقاء لرغبات طرف واحد، وهو الرئيس صالح، على الرغم مما نواجهه من مشكلات حقيقة مع الشباب والشعب في ساحات الاعتصام" . ووفقاً لما نشرته صحيفة " دار الخليج " في عددها الصادر اليوم الإثنين أكدت المعارضة أن تمسكها بالمبادرة الأخيرة خلال الفترة الماضية "رغم كل المرارات"، وتجديد تمسكها به اليوم "إنما هو تعبير عن جديتنا ومصداقيتنا في التعامل الايجابي معه، وسنرقب جدية الطرف الآخر خلال اليومين القادمين، ونعتبر أي تأجيل أو مماطلة إضافية من قبل النظام في توقيع هذا الاتفاق كما هو لن يكون لصالح العملية السياسية، وسيضع النظام أو ما تبقى منه وجها لوجه أمام خيارات الشعب، التي سوف نساندها"، ونددت المعارضة بالمناورات والمراوغات التي لجأ إليها النظام بشأن التوقيع على الاتفاقية المقدمة من الأشقاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لحل المشكلة اليمنية الراهنة"، وطلبت من الأشقاء في مجلس التعاون "اتخاذ موقف عملي تجاه تلك المناورات والمراوغات، لاسيما وأن الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية تتدهور بصورة خطيرة في وقت لم يعد النظام أو ما تبقى منه قادرا على حل أي مشكلة من هذه المشكلات ، بل أصبح بقاؤه هو المشكلة وفقد شرعيته بمواصلة سفك دماء المواطنين وقمع المعتصمين وشن الغارات الجوية العسكرية على بعض القرى الآمنة في البلاد، إضافة إلى التصرف العابث بمقدرات وموارد البلاد للإنفاق على مناصريه وأشارت المعارضة إلى أن "ثورة الشعب سوف تنتصر وتعيد بناء اليمن الجديد بإقامة الدولة المدنية الديمقراطية على قاعدة المواطنة المتساوية والشراكة الوطنية في السلطة والثروة بين كل أبناء اليمن" . وصرح مصدر في اللجنة في تصريح صحافي "إن ثمة جهات مشبوهة هي من تروج للزحف بغية إجهاض الثورة الشبابية الشعبية السلمية وتفكيك صفوف شباب الثورة وخلق نوع من الارتباك داخل الساحة"، مؤكداً في الوقت نفسه تمسك شباب الثورة بسلمية ثورتهم مهما كلفهم ذلك، كما دعا المصدر الشباب المعتصمين في الساحة إلى "عدم الانجرار وراء هكذا شائعات أو محاولات من شأنها جرهم إلى دائرة العنف والوقوف صفاً واحداً تجاه كل من يحاول إفشال ثورتهم أو شق صفهم وتفريق جمعهم"، مشيراً إلى أن "الدعوة إلى الزحف من دون تخطيط وترتيب مسبق لا تخدم سوى نظام الرئيس صالح الذي عجز حتى اللحظة عن ثني صمود وإصرار شباب الثورة على إسقاطه"، رافضاً الإفصاح عن خطة الشباب التصعيدية بشكل سلمي لإسقاط النظام لأسباب أمنية، على حد تعبير المصدر ذاته . تأكد هذا النفي بعد أن احتشد الآلاف يوم أمس الأحد في ساحة التغيير بصنعاء في إطار تصعيد الاحتجاجات الرافضة لكل المبادرات التي تسعى لإجهاض ثورة الشباب السلمية في كل الساحات والمبادين المطالبة بتنحي الرئيس صالح ومحاكمته بواسطة المبادرة الخليجية، حيث أكد شباب ساحة التغيير إنه لا يمكن التراجع عن مطالبهم التي خرجوا من اجلها منذ أكثر من شهرين، معتبرين أن ما تقوم به الأحزاب يتنافى مع المطالب التي يسعون إلى تحقيقها . ونفت مصادر في ساحة التغيير الأنباء التي تحدثت عن دعوة للزحف باتجاه دار الرئاسة، حيث يقيم الرئيس صالح في منطقة السبعين.