قال عبدالرحمن ناصر الشهري، إمام مسجد الإحسان بحي الأجاويد بمحافظة جدة، إن الطريق الذي يجب أن يسلكه حامل القرآن هو الحرص على تطبيق آياته، وحض الناس والأقارب على قراءته وحفظه، وأن يكون قرآناً يمشي على الأرض، كما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. وأوصى "الشهري" في حوار مع "تواصل"، حافظ القرآن بتقوى الله، عز وجل، وأن يدعو إلى الله مثل الأنبياء والرسل، مضيفاً "رُبّ قراءة آية بخشوع لها بالغ الأثر على قلوب المصلين والمستمعين". وإلى تفاصيل الحوار: رحلتي مع القرآن بدأت بالاعتكاف في الحرم المكي سعود الشريم أكثر القراء الذين تأثرت بهم صاحب الصوت الندي ليس من الضروري أن يكون له إصدارات الطريق الأفضل لقارئ القرآن تقوى الله على قارئ القرآن أن يسأل الله (عز وجل) أن يكفيه شر الشهرة تواصل- خالد الغفيري: حدثنا عن رحلتكم مع القرآن وحفظه؟ الحقيقة أن رحلتي مع القرآن كانت طويلة، بدأت سنة 1416ه في أثناء الاعتكاف بالحرم المكي مع أخي الأكبر خالد – وفقه الله – إذ حرص أن أصاحبه إلى الاعتكاف فمنَّ الله علي وبدأت أنهل من القرآن، وأستفيد منه وأتدبر آياته، وبعدها بعام التحقت بإحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم مع كوكبة من الفضلاء، ومع الأيام أتممت الحفظ ولله الفضل والمنة. هل تتذكر أول مرة تقوم بالإمامة.. وهل تتذكر تفاصيلها؟ أول مرة كنت فيها إماماً للمصلين كانت في المسجد الصغير المجاور لمنزل والدي، حفظه الله، وكان هذا المسجد لا يوجد له مؤذن، فبعد أن منّ الله علي بالالتحاق في حلقات القرآن الكريم، وبدت علي سِيَمُ الصالحين جعلني الله وإياكم منهم, تقدمت للأذان في ذلك المسجد وهو مسجد الرحمة بحي القحطاني كيلو 11. وطلب مني بعض الأقارب بعد أن سمعوا أذاني أن أؤم المصلين وكان عمري حينها 15 سنة، وفي المرة الأولى صاحبني الخوف والارتباك وجفاف الريق، لكن الصلاة مرت، ولله الحمد، صحيحة كاملة, وأصبحت إماماً رسمياً بعدها ب3 سنوات. من هم مشايخك الذين تعلمت على أيديهم القرآن الكريم؟ تعلمت على يد شيخين درَّسا لي في الحلقات في ذلك الوقت بجامع ابن محفوظ، وهما: الدكتور حمزة الزبيدي في السنة الأولى, ثم السنة التي بعدها الشيخ الدكتور بلقاسم الزبيدي، فكانت بداية التمسك بالقرآن على أيديهما وهما الآن قد حصلا على شهادة الدكتوراه، أسأل الله أن يثبتنا وإياهما على الحق. من هو القارئ الذي تأثرتم به بشكل كبير والذي ترك فيكم أثراً بالغاً في موضوع التلاوة؟ القارئ والشيخ الذي تأثرت به وكان له أثر كبير وبالغ على قلبي وإيماني هو الشيخ الدكتور سعود الشريم، وكنت وما زلت أكن له الكثير من الحب، وأدعو له بظهر الغيب, على ما كان يتلو من القرآن، ويسكب من عبراته، وهو يتدبر آيات الله بالحرم المكي, فجزاه الله عنا خير الجزاء. ما الطريق الذي يجب أن يسلكه قارئ القرآن في حياته؟ الطريق هو أن يحرص على أن يُقيم حروف القرآن وحدوده، والحكمة من العلم العمل به، وأن يحرص على تطبيق الآيات والدعوة إليها، وحض الناس والأقارب على قراءة وحفظ القرآن، وأن يكون قرآناً يمشي على الأرض كما كان أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. هل ترى أن حافظ القرآن ذا الصوت الحسن لا بد أن يكون له إصدار قرآني؟ قارئ القرآن صاحب الصوت الندي ليس من الضروري أن يكون له إصدارات، أو أن يكون له اهتمام بالإعلام, يحاول فقط أن يكون القرآن صدقة جارية، خصوصاً بعد موته ولكن لا يكون إلزاماً. نصيحة توجهها لحفظة القرآن الكريم وأئمة المساجد والجوامع؟ أوصيهم بما أوصاهم الله (عز وجل) بأن يتقوا الله تعالى, ويأخذوا هذه المحاريب بحقها فلا يكررون آيات وقصار السور في الصلوات ويكتفون بهذا, بل يحرصون أشد الحرص بأن يدعو إلى الله مثل الأنبياء والرسل، ورب قراءة آية بخشوع لها بالغ الأثر على قلوب المصلين والمستمعين. ما أبرز موقف تعرضت له أثناء صلاة التراويح؟ حينما كنت أنتهي من الصلاة أرى أثر القرآن في المصلين من التأثر والخشوع, وأيضاً من تأثير هذا القرآن العظيم أن كثيراً من الناس ممن ابتلوا بشيء من المس والسحر كان القرآن ينزل عليهم كالصواعق، فالبعض كان يُصرع في المسجد من سماع تلاوة آيات بسيطة من كتاب الله (عز وجل). كيف تستفيد من التقنية الحديثة.. وهل لديك موقع أو صفحات اجتماعية؟ التقنيات الحديثة فرصة لنشر هذا الخير، رغم أني مهمل لهذا الجانب، فجميع المقاطع المنشورة على اليوتيوب وغيره لا أعلم مَن الذي سجلها ونشرها، فجزاهم الله خير الجزاء، وكتب لهم خير هذا العمل. ما هو الوقت المناسب لحفظ ومراجعة القرآن؟ الوقت المناسب هو الذي يراه الإنسان مناسباً, وأهم شيء أن يكون هناك وقت للحفظ لا يمكن أن يتهاون فيه، فيكون خالصاً لحفظ كتاب الله, ووالله أن مَن حرص لهذا الأمر، وجعل له وقتاً معيناً في أي وقت مناسب له، فإن الله سوف يريه في نفسه أثراً بالغاً. هل يمكن لأي شخص عادي أن يصبح قارئاً مجوداً وينال الشهرة؟ موضوع الشهرة والنظر إليها من الأشياء المنبوذة عند السلف الصالح، وينبغي على الإنسان أن لا ينظر لهذا الموضوع ولا يتكلم فيه، بل يسأل الله أن يكفيه شر هذه الشهرة، وأن يجعل موضوع الشهرة من أبغض المواضيع إليه حتى لا ينصرف قلبه فيخسر الدنيا والآخرة. هل ترى أن الجوامع مقصرة في مسألة أن الكثير منها لا يختم القرآن طوال شهر كامل؟ حقيقة أن بعض الأئمة لا يستطيع أن يختم القرآن في التراويح والتهجد، ويعود ذلك لعجز الناس وضعفهم، فمن كان لديه صوت حسن، وكان من خلفه يستطيع الصبر على القيام فهي والله فرصة, فأنا أرى أن الأمر يعود للظروف المحيطة بهذا الأمر. كثيراً من الأئمة يجهش بالبكاء بشكل كبير.. وقد يتوقف عن القراءة لمدة دقائق.. ما رأيكم؟ الجهر بالبكاء في الصلاة من الأشياء التي فعلها النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه رضي الله عنهم، فلا يخفى عليك أن كثيراً من أصحابه، ومن ثم من السلف كانوا يبكون في الصلاة، ولكنهم كانوا يدافعون البكاء. علم القراءات يتخصص فيه المشايخ الآن ويضاف إليه أيضاً بعض العلوم القرآنية الأخرى.. فهل لكم أية قراءات أخرى غير رواية حفص عن عاصم؟ بالنسبة لي، فقط لدى رواية حفص عن عاصم. البعض يلجأ إلى استخدام المقامات في التلاوات.. ما رأيكم؟ لا مانع، لكن أن يحرص الإنسان على أن يأتي بالمقام فيؤدي ذلك إلى التلاعب بالقرآن فهذا لا يجوز، فالإنسان يتغّنى بالقرآن بقدر الخشوع، وتحريك القلوب فقط لا غير. بعض المقرئين يتلقون دعوات من مساجد أو من دول مجاورة.. ما رأيكم في ذلك؟ إذا وجد الإنسان دعوة في جامع بدولة مجاورة، وكان ذلك يناسبه ولا يخشى على قلبه وإيمانه أن ينصرف إلى المخلوقين فلا مانع، وأما التوسع فيها فأنا لا أحبذه ولا أراه ولا أحبه، وقد عُرض علينا في بعض دول الخليج وفي أوروبا أن يكون هناك إمامة للمصلين، إلا أنني اعتذرت وفضّلت أن أبقى بين إخوتي وأحبابي؛ لما قد يكون من الشهرة والمدح والتصوير ويخشى على الإنسان منه.