"عيب أيها البنك الكبير"! هتفت بهذا قبل ساعتين من الآن وأنا أراجع لقريبة لي، قرضا للبنك العقاري لدى البنك المختص بذلك، تصورت أنني إزاء بنك عالمي رفيع المستوى، وإذا بالمفاجأة أنه بنك متخلف جدا. تصوروا نحن مجبرون كمواطنين على التعامل مع هذا البنك فقط في حال قرض البنك العقاري، ولا إشكال، ولكن الكارثة، أنك لا بد أن تراجع في فرع وحيد لهم بوسط البلد في كيلو 2، وتأتي من أقاصي جدة، وتدخل البلد لتراجع في هذا الفرع بالحي الشعبي. عندما قدمت لهم الأوراق، قال الموظف متجهما: هات ملف أخضر علاقي، أجبته: يا رجل، ظننت أننا قبرنا هذا الملف، ألا يوجد لديكم ملفات خاصة بالبنك؟ أشاح بوجهه طبعا، نزلت أسأل موظفي البنك إن كان ثمة ملف أخضر علاقي لو أشتريه بعشرين ريالا، أومؤوا برؤؤسهم دليل عدم الوجود، فاضطررت للخروج من هذا البنك التعيس لأبحث في الأزقة المجاورة، ولأسأل السابلة هناك، ولا جواب، لأنزل عند كل بقالة صغيرة وأسأل عن ملف علاقي أخضر..يا لهذا الملف الذي سيلازم جيلي للقبر! حوارٍ ضيقة ومتشعبة، ولم أدخلها في حياتي، وأتوه في تلك الأزقة، لأسأل عن الملف العلاقي في هذه الهاجرة، وهاجرة جدة بها رطوبة شديدة هذه الأيام، فتخيلوا الأحوال، كله لأجل ملف كان بالإمكان لبنك يدعي أنه بنك كبير أن يوفره بدمغته وشعاره ولا يكلفه أكثر من أربعة قروش فقط، ولكنه التخلف للأسف، وعدم التطوير. وعندما عدت للموظف، والله يا جماعة الخير لمنظر مخز لهذا البنك، أعادني أربعين عاما بالكامل، في مدرستي الابتدائية بالطائف، حيث كتب بخط يده الاسم بالقلم الأسود العريض، وحشر الأوراق داخل الظرف، هل تتذكرون الدويسهات التي تتراص في المدرسة، والله مثلها تماما، أي تخلف لبنك وطني كبير هذا، وطبعا الرتم المعتاد للموظف الحكومي: راجعنا بعد 48 ساعة، هي نفسها في هذا البنك..أو افتح حساب عندنا، وترتاح، طبعا أقسمت على عدم التعامل أبدا مع بنك هذا أسلوبه وطريقته..ورفضت العرض. سؤالي:لماذا نحن مجبرون يا وزارة المالية على التعامل كمواطنين مع هذا البنك الذي لا يحترم مراجعيه؟ ألم يأن الأوان لإعادة النظر في القسمة الضيزى للبنوك مع وزارة المالية، حيث تم تقسيم الكعكة في زمن مضى بين هاته البنوك. ألم يأن الأوان يا وزارة المالية لجعل شعار: (من يخدم المواطن هو البنك الأولى)، ووالله ليخجل هذا البنك المتخلف أن يكون بهذه الصورة البائسة، ولجعل فرعا في شمال جدة وآخر في وسطه بدلا من هذا الموقع الشعبي في حي شعبي لم أدخله في حياتي كلها، ولاحترم البنك المراجع وقدم له التسهيلات؛ لأنه يعرف إن لم ترضه خدماته قدم شكوى ، وكان من حقه أن يسحب صلاحية البنك. أقسم بالله أن وزارة العدل والبنك العقاري أكثر رقيا في التعامل مع هذا البنك، وثمة قصة أخرى مع وزارة الخارجية، أيضا في صورة مؤسفة لها. هذه خاطرة، كتبتها على عجالة، والعرق يرفضّ من جبيني وجسمي، وكلي حنق على فجيعتي بهذا البنك الذي سقط بالكامل من عيني.