تحدث فضيلة إمام خطيب المسجد النبوي، الشيخ حسين آل الشيخ، في خطبة الجمعة اليوم، عن الوصية العظيمة التي صدرت من معلم البشرية الرسول – صلى الله عليه وسلم – التي فيها الحلول الناجحة لما تعانيه الأمة من فتن، ومحن، وتحديات. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد النبوي: إن المسلمين يعانون في الوقت الراهن أنواعاً من التحديات، والفتن، والمحن المستعصية، والعقلاء يتطلعون لرؤية مستقبلية تنقذ الأمة مما هي فيه، وقد طرح المثقفون رؤيتهم، والساسة حلولهم، والكتاب نظراتهم، وتعددت التحليلات للأسباب، وتنوعت النظرات للمخارج والحلول دون جدوى. وأضاف: أنه قد آن الأوان للأمة جميعاً، شعوباً وأفراداً وحكاماً ومحكومين، أن يستيقظوا من ثباتهم، وأن يعودوا لمصدر قوتهم وأساس صلاحهم، بعد ما جربوا حزماً من التجارب المعتمدة على السياسات البشرية، والأفكار المستوردة التي لم تجر إلا خزياً، وهواناً، وضعفاً، وتأخراً، ودماراً، وآن الأوان أن يستجلوا الحلول الناجحة لما حل بهم من منطلقات ثوابت دينهم، ومرتكزات عقيدتهم، مشيراً إلى أن الأمة لن تجد الحلول الناجحة لأدوائها، والمخارج لأزماتها، ومشكلاتها، إلا من فهمٍ صحيحٍ لكتاب الله – جلا وعلا – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم -. وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – أوصى أمته بوصية خالدة عظيمة، تصلح بها حياتها، وتسعد بها مجتمعاتها، وتزدهر بتحقيقها بلدانها، وصية يجب أن تكون نصب أعيننا، وأن يكون تطبيقها حاكم تصرفاتنا، وموجه تحركاتنا، ومصحح إراداتنا وتوجهاتنا، فهي وصية لا تنظر لتغليب مصلحة قومية، ولا تنطلق من نزعة عرقية، أو نظرة آنية، وصية صدرت ممن لا ينطق عن الهوى، وثيقة محمدية، ووصية نورانية، تنهض بالأمة للحياة المزدهرة المثمرة بالخير والعزة، والصلاح والقوة، والرقي والتقدم، والاجتماع والوئام. وأكد أن وصية الرسول – صلى الله عليه وسلم – لأمته إحياء شامل للفرد، والجماعة، والنفوس، حياة تبنى على قوة الإيمان التي لا غنى عنها في مواجهة الأزمات، فهي إحياء يسير بالأمة إلى النهضة بأشمل وأدق معانيها، وأخص صورها؛ مما يحقق السعادة ومعايشة الأمن والسلام والخير. وأوضح: أن العزة للمسلمين في تحقيق هذه الوصية العظيمة مضمون، والمجد في الدارين بتنفيذ بنودها مرهون، والأفراد من دون تحقيق هذه الوصية في ضياع، والمجتمعات في البعد عن مضامينها إلى خراب ودمار. وأكد فضيلة الشيخ "آل الشيخ" أن وصية معلم البشرية – عليه السلام – لأمته وصية تربط المسلم بالأصل مع اتصاله بمنتجات العصر، وثيقة من محمد – صلى الله عليه وسلم – تحقيقها هو الضامن الأوحد للتحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، وتستهدف قيمها ومقدراتها وخصائصها. ودعا معاشر المسلمين إلى الاستماع لتلك الوصية العظيمة، والوثيقة الخالدة، سماع استجابة، وتحقيق، واستماع، امتثالاً وانقياداً بكل صدق وإخلاص، مستشهداً بقول ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: كنت خلف النبي – صلى الله عليه وسلم – يوماً فقال: (يا غلام، إني أُعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سأَلت فاسأَل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف). وأضاف أن حفظ الله – جلا وعلا – هو حفظ حدوده، والالتزام بحقوقه، والوقوف عند أوامره بالامتثال، حفظ يمنع الجوارح من الزلل، والحواس عن الخلل، حفظ يضبط الشهوات أن تميل بالمجتمعات، والأفراد إلى الضلال، حفظ يتضمن قيام الحاكم والمحكوم بما أوجبهم الله عليهم من رعاية الحقوق، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد، حفظ يتضمن لزوم تطبيق الناس للإسلام تطبيقاً شاملاً لمجلات الحياة دون تأويل أو هوى. وأبان فضيلة إمام خطيب المسجد النبوي، أن من حقق حفظ الله بجميع معانيه، وكما جاء في وصية خير البشر – عليه الصلاة والسلام – تحقق له حفظ الله، ورعايته، وعنايته، حفظ يشمل دينه ودنياه في جميع أطواره في حياته، وبعد مماته، حفظ يحقق له المصالح المتعددة بأنواعها، ويدفع عنه الأضرار والأخطار بشتى أشكالها.