تمكّنت المملكة من التعامل مع جائحة كورونا بكفاءة واقتدار، مستعينةً بالله تعالى أولاً، ثم بأدوات عدة من أهمها التقنية، حيث سخّرتها لمواجهة الجائحة، ولتخفيف تداعيات الأزمة الصحية العالمية، وكانت بلا شك إحدى أهم الأدوات الناجعة لمواجهة الأزمة على الصعيد الصحي. وبادرت وزارة الصحة منذ بدء انتشار الجائحة إلى الارتكاز على التقنية للتعامل مع الأزمة، واستطاعت عبر "تطبيق صحتي" الذي استفاد منه أكثر من 24 مليوناً، تقديم خدمات إلكترونية واستشارية فورية بواسطة أطباء معتمدين من الوزارة، عبر المحادثات المرئية والصوتية والنصية بسهولة ويسر، وتقديم خدمة المواعيد والعيادات الافتراضية والإجازات المرضية. ويقدم "تطبيق صحتي" خدمة البحث عن الدواء، ومتابعة وقراءة المؤشرات الحيوية، وحجز مواعيد لإجراء فحوصات وأخذ لقاحات كورونا، ومحفظة صحتي، والتطعيمات عموماً، ويعكف المسؤولون في وزارة الصحة على إضافة خدمات إلكترونية جديدة ضمن الخطط المستقبلية تبعاً لحاجة المستفيدين. وبناءً على بيانات وزارة الصحة؛ تمكّن التطبيق من حجز ما يزيد على 3.8 ملايين موعد، وتقديم 1.5 مليون استشارة طبية، وإصدار أكثر من 9.5 ملايين تقرير وإجازة مرضية، وتجاوزت الجرعات المعطاة 59 مليوناً. واستكمالاً لهذه الخدمات الإلكترونية؛ يأتي "تطبيق موعد" الذي أطلقته وزارة الصحة لتمكين المستفيدين من حجز مواعيدهم في مراكز الرعاية الصحية الأولية، وإدارتها بتعديلها أو إلغائها، وكذلك إدارة مواعيدهم الأخرى في أي مستشفيات تتم إحالتهم إليها. وقدّم "تطبيق موعد" (خدمة كورونا)؛ وهي استبيان يوضح للمستفيد بناءً على معطياته المدخلة حالته الصحية، ويزوده بالمعلومات والتعليمات التوعوية التي يجب عليه تطبيقها، وأسهمت الخدمة في تصحيح كثير من المعلومات وفنّدت الشائعات المتداولة الخاصة بالجائحة أو اللقاحات المستخدمة، إضافة إلى مساهمتها في اكتشاف أكثر من 70 ألف حالة ومواقع تفشٍ، واستفاد من التطبيق 25 مليون مستفيد، بإجمالي 100 مليون موعد. وحرصاً على تقديم الحماية والرعاية الصحية للمواطنين والمقيمين المحالين إلى العزل المنزلي، وتعزيز إجراءات تعافيهم؛ أطلقت وزارة الصحة "تطبيق تطمّن" الذي يحتوي على أيقونة للخدمات تضم مكتبة المحتوى التثقيفي، ونتائج الفحوص، وتحديث بيانات المخالطين، والمتابعة اليومية للحالة الصحية، وارتباطات دعم التقصي الوبائي، ومؤشر العدد التنازلي للعزل الصحي، والتنبيه بالإشعارات والمكالمات الآلية، كما يتضمن أيقونة المستفيدين وهم: "القادمون من السفر، والمخالطون لحالات مصابة". ويتيح التطبيق للمعزولين الاتصال المباشر مع الأطباء في وزارة الصحة، وطلب المساعدة من خلال أيقونة للاستفسار المستمر حول أوضاعهم، ومراقبة تطور حالاتهم. ويمكّن التطبيق المشتبه بإصابته بالفيروس من الاطّلاع على نتائج الفحوص التي أجريت له من قبل الجهات الصحية. وانطلاقاً من حرص وزارة الصحة على التسهيل على جميع المواطنين والمقيمين، وسرعة الحصول على الخدمات الصحية؛ دمجت الوزارة مطلع هذا العام 2022 تطبيقاتها (صحة، موعد، تطمّن)، لتصبح في التطبيق الموحد "صحتي"، وبشعار "كل الصحة في صحتي". "سدايا" .. مبادرات رقمية وطنية بمواصفات عالمية استمرارًا للجهود والخطوات الاستباقية منذ بداية الجائحة، وتنفيذاً لتوجيهات قيادة المملكة، وفي تناغم وتوافق ديناميكي بين الجهات الحكومية لمواجهة هذه الجائحة العالمية، وتخفيف تداعياتها على الصعيد الصحي؛ أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي"سدايا" مبادرات وخدمات إلكترونية، أسهمت في احتواء الأزمة؛ وتخفيف أضرارها صحياً، ومنها: "مؤشر كوفيد – 19 السعودي"، الذي يهدف إلى تحليل واستشراف انتشار فيروس كورونا المستجد باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحليلات الإحصائية المتقدمة، حيث ساعد على اكتشاف أول إصابة بكورونا في المملكة، وهو مشروع بين "سدايا" ووزارة الصحة. ويهدف "مؤشر كوفيد – 19 السعودي" إلى دعم متخذي القرار عن طريق استباق الأحداث وتكوين نظرة مستقبلية دقيقة عن تطور الجائحة وانتشارها في المدن والمحافظات، ودراسة القدرات الاستيعابية للقطاع الصحي وتوقع الاحتياجات المستقبلية للموارد الصحية على المديين القريب والبعيد. وجاءت منظومة "توكّلنا" الإلكترونية المتكاملة التي أطلقتها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" لمساعدة الجهات المعنية على أتمتة التعاملات وتقليل الأضرار الصحية والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن السياسات المتخذة؛ للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، وتسهيل حصول أفراد المجتمع على تصاريح التجول بطريقة إلكترونية أثناء فترة منع التجول. حيث وصل بلغ عدد التصاريح المصدرة من التطبيق 27 مليون تصريح. وتشمل منظومة توكلنا العديد من المكونات التي تخدم أكثر من 27 مليون مستخدم من الأفراد والقطاعات الأمنية والصحية، وهي: تطبيق توكّلنا الذي يقدم مجموعة من الخدمات التي تساعد المستخدمين على تقييم حالتهم الصحية وإدارة التصاريح، ويتيح حجز مواعيد لأخذ لقاحات وفحوص كورونا، والإجابة عن الأسئلة الصحية والتبليغ عن حالات الاشتباه، واستعراض آخر الأخبار والإحصائيات الرسمية، وإصدار الجواز الصحي للفرد وعائلته، حيث أصدر التطبيق أكثر من 24 مليون جواز صحي. ويقدم "توكّلنا" تصاريح متنوعة تغطي الجوانب الخدمية والصحية المهمة، وهي تصاريح المواعيد الطبية والحالات الطارئة، والحالات الإنسانية، والتموين داخل الحي، والتموين الطارئ، والحج والعمرة، والعمل، ورياضة المشي، والتصاريح المؤقتة لقائدي المركبات ويتميز التطبيق بتقديم خدمات إضافية تساعد على اكتشاف المصابين واحتواء المخالطين، والتحذير عند الاقتراب منهم، ويمكن من العزل المنزلي بدلاً من الحجر الصحي، والكشف الذاتي لمن ظهرت عليه علامات اشتباه الإصابة بالفيروس، والإبلاغ عن حالات كسر منع التجول، وعرض المخالفات، وهذه الخدمات قدمت بالشراكة مع 40 جهة حكومية، بمعدل يومي للعمليات يصل إلى 500 مليون عملية يومية. ويأتي "تطبيق تباعد" أحد مكونات منظومة توكّلنا؛ ليستكمل الجهود التقنية التي قدمتها "سدايا"، ويتماشى مع جهود المملكة لاحتواء الجائحة والمساعدة على التعايش مع خطر الفيروس والعودة تدريجياً إلى الحياة الطبيعية، حيث تم تصنيفه الأول عالمياً في تطبيق برتوكولات الاختلاط من (أبل) و(جوجل) و(هواوي)، ويستخدم أحدث تقنيات تتبع المخالطين، ويحافظ على سرية بيانات المستخدمين وخصوصيتهم، ويرسل بيانات معرّفات مموهة للجوالات الذكية المستخدمة للتطبيق نفسه التي تم تسجيلها خلال فترة الاختلاط بأحد المصابين. ويستخدم التطبيق تقنية البلوتوث وتقنيات حديثة للمحافظة على خصوصية بيانات المستخدمين، وفي حال تم الإبلاغ عن الإصابة بالفيروس من خلال التطبيق، يتم إرسال إشعارات لجميع من خالط المصاب خلال ال 14 يوماً الماضية، وإرشادهم إلى طلب الدعم الصحي من وزارة الصحة، ويعزز من إشراك المجتمع في احتواء الأزمة ومساندة الجهات المعنية في رفع الإجراءات الاحترازية؛ بدعمه ل 22 لغة في التطبيق. وفي إطار تطوير الحلول الابتكارية؛ عمدت "سدايا " إلى إصدار تقرير "تجارب عالمية في مجال استخدام تقنية البيانات والذكاء الاصطناعي للتعامل مع جائحة فيروس كورونا المستجد"، لمتابعة التجارب العالمية ومعرفة التحديات الحالية، برصد أكثر من 190 مبادرة محلية وعالمية والاستفادة منها في تطوير حلول وطنية تقنية. وعلى الرغم من أن جائحة كورونا (كوفيد – 19) ألقت بظلالها على كل مناحي الحياة في عالمنا المعاصر، وجعلت دول العالم، ترزح تحت وطأة المعاناة والخسائر البشرية والمادية؛ والمملكة العربية السعودية لم تكن بمنأى ومعزل عن هذا العالم، إلا أن المملكة استطاعت بفضل الله ثم بحكمة وتوجيهات القيادة الرشيدة إضافة مفاهيم مبتكرة في إدارة الأزمات، وطوّعت أحدث الوسائل التقنية في سبيل احتواء الجائحة، مقدمةً للعالم أجمع أنموذجاً فريداً في التعامل مع الأزمة العالمية.