تابعت بعض ردود الأفعال حول البيان الموقع من 50 أكاديمية، والخطاب المفتوح الموقع من 700 امرأة، فوجدت أغلب الأصوات مؤيدة ومباركة ومستبشرة بهذه الخطوة المباركة، إلا أصوات نشاز، تبرز على استحياء، تحاول ترفع صوتها فوق أصوات الحق العالية الصادحة بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، والمنطلقة من نداء الفطرة السليمة، وأمر الشريعة ونظام ولاة الأمر ساسة وعلماء، وواقع المسلمة الحقيقي. ومن التعليقات الضعيفة لغة والمحدودة فكراً والقاصرة تصوراً، قول بعضهم : " ماذا فعل أصحاب البيان ال 700 من النساء؟ أين المشروعات الحقيقية على أرض الواقع ؟ ورد فعل الإسلاميين وشقائقهم من النساء لا ينحصر سوى في بيانات مكتوبة تنشر تنديدا كرد فعل لا أكثر ولا أقل". وجواباً على سؤالهم : أين المشروعات الحقيقية على أرض الواقع ؟ أقول : إن جلّ الأخوات الموقعات من أصحاب المشاريع التنموية الحقيقية، فلهن جهود مباركة ظاهرة وباطنة، لا رياء ولا سمعة، بعيداً عن الأضواء والشهرة، فليس مقياس التنمية التصوير والظهور والاختلاط. ولعل بنظرة سريعة على سيرهن الذاتية، يُعرف حجم هؤلاء الفاضلات، ومقدار ما يبذلنه من مشاركة فاعلة وحضور مميز، وكثير منهن ساهم في تأسيس غالب مؤسسات الوطن الخيرية التطوعية المشروعة، لا التطوعية المختلطة الأخيرة. ناهيك عن مئات الأسر اللاتي يكفلنها من يتامى وأرامل ومطلقات، مع مساعدتهن لكثير من الشباب على الزواج بإعانتهن المادية والعينية، وإشرافهن على كثير من دور تعليم القرآن الكريم، وإلقاء الدروس والمحاضرات التوعوية والتثقيفية، مع تقديمهن للدورات التدريبية التطويرية، فضلاً عن الاستشارات الهاتفية، وحل المشكلات الزوجية والاجتماعية، وكل ذلك عبر مؤسسات منظمة، وجهود فردية مكثفة، فكل على ثغرة، فالركب يسير ولا تتوقف القافلة. ولا يضر فلانة أو علانة أنها لا تعرف هذه الأسماء أو لم تسمع بها من قبل، فلله أخفياء أتقياء، لا تعلمونهن ولكن الله يعلمهن – نحسبهن كذلك ولا نزكي على الله أحدا – وما هذه البيانات المكتوبة إلا نفثة صدر، وإنكار للمنكر، ومعذرة إلى ربهم، ولا يعني ذلك أنهن لا يلتفتن للنساء المظلومات، والمعضولات من أوليائهن، والمحتاجات والفقراء، فوالله الذي لا إله غيره، أعرف من الأخوات من تحتسب للذهاب مع النسوة المظلومات اللاتي لا يحسنّ الحديث مع القاضي، فتعينها وتدافع عنها وتوصل صوتها حتى تأخذ لها حقها. ومنهن من لا ترقأ لها عين ولا يهدأ لها بال، إذا سمعت بصاحبة دين أو هم أو حاجة، حتى تقضي حاجتها، وتقضي دينها، وتفرج كربها، قبل أن تأوي إلى فراشها، ولو كان ذلك على حساب راحتها. بل مما أذكر من المواقف أنه بلغ بعض الأخوات أن فلانة من الناس سجنت بسبب كفالتها لغارم، فهبت الأخوات وهن لا يعرفنها، وجمعن لها دينها خلال يومين، حتى تعود إلى بيتها، ولا تغيب عن أبنائها. ومما اتهمت فيه الأكاديميات تقوقعهن وغيابهن عن الواقع، ومن عجيب الأمور أني التقيت بإحدى الكاتبات اللاتي اتهمت الأكاديميات بهذه التهمة في لقاء الحوار الوطني الأخير، وقدر الله أن يكون مكان جلوسي بجانبها، فعندما عرفتها بنفسي وعرفتني بنفسها، ضحكت وقلت لها : نحن المنفصلات عن الواقع، فمن فضل الله علينا أن لنا مشاركات ومداخلات ومساهمات في المؤتمرات والندوات، ولكن بدون اختلاط ولا تصوير، وقلت لجارتي في الحوار : انظري إلينا في هذا الحوار المبارك الطيب وفي هذه الخصوصية، هل ممكن نخرج لنندد بهذا اللقاء، وننكر ما فيه، لا يمكن أن نفعل، لأن الأجواء التي نعيشها في مثل هذه اللقاءات، بعيداً عن الرجال والاختلاط بهم، هي الأصل وهي الأساس الذي تتبناه حكومة هذه البلاد حفظها الله من كل سوء. * أستاذ مساعد بجامعة أم القرى