يرد مصطلح (الحقوق) ويتردد على الألسن كثيراً, وطوائف توسع الحالات التي تندرج تحت هذا المصطلح, وطوائف تضيق الحالات, وطائفة ثالثة وسط بينهما, فأي الطوائف على جادة الحق؟ للإجابة عن هذا التساؤل يحسن بنا أن نعرّف ونوضّح هذا المصطلح أولاً, ثم نقوم بالشرح والتفصيل للمعايير التي بها نضبط هذا المصطلح؛ لتتسنى لنا معرفة الحالات التي تدخل تحت هذا المصطلح، وما لا يدخل من الحالات. فنقول: إن علماء اللغة أطلقوا على الحق معاني عدة، ومنها: (الذات الإلهية تبارك وتعالى, والثابت الذي لا يسوغ إنكاره, والاعتقاد المطابق لما عليه ذلك الشيء في نفسه, وللفعل والقول الواقع بحسب ما يجب، وفي الوقت الذي يجب). وعلماء اللغة أطلقوا المعاني للحق بكافة سياقاتها التي تأتي عليها, فلم يتقيدوا بسياق أو معنى محدد. وإذا انتقلنا إلى مفهوم الحق عند علماء الفقه الإسلامي، نجد أن غالبهم ذكروا للحق معاني متقاربة، فيما بينها من ناحية المضمون، وإن اختلفت الألفاظ، فقالوا في تعريف الحق: (ما يستحقه الرجل) وقالوا أيضاً: (اختصاص مظهر فيما يقصد له شرعاً) وقالوا أيضاً: (اختصاص يقرر به الشارع سلطة أو تكليفاً). وأما علماء الفقه القانوني، فنجد نظرياتهم تفاوتت وتشعبت في مفهوم القانون, فمنهم من ينظر للحق من الجانب الشخصي (صاحب الحق), ومنهم من ينظر للحق من الجانب الموضوعي (ذات الشيء), ومنهم من ينظر للحق من الجانبين, ولكن لن ندخل في تفاصيل هذه المفاهيم، وسنقتصر على تعريف واحد؛ منعاً للتطويل والإسهاب، فنقول إن الحق هو: (المركز المقرر قانوناً لشخص ما بموجبه يستطيع أن ينفرد به، واستيفاء ما يفرضه القانون عند العدوان عليه). هذه جملة من التعريفات والمفاهيم المتعددة لمصطلح (الحق), ويتبين من خلال ما سبق: أن الحق يتمتع بحصانة وقوة ممنوحة له من الشريعة الإسلامية والقانون, وقد تسقط هذه الحصانة والقوة للحق إذا منعتها الشريعة الإسلامية، فلا يكفي لثباتها أن يقررها القانون فقط, إذ الأصل في قوة الحق وسلطانه هو تقرير الشريعة الإسلامية الحصانة لهذا الحق. وصلوا على النبي المختار د. تركي بن عبدالله الطيار [email protected]