أ – تعارض الدين والعلم هذه الدعوى من أبرز الشبه التي يحتج بها الملاحدة، فهم يقولون: إن الدين يتعارض مع العلم، ويريدون بذلك إثبات أن الدين مناقض للعلم؛ ليتوصلوا من خلاله إلى نبذ الدين كله جملة وتفصيلاً، وأنه دين لا حقيقة له. وهذه الشبهة من أمهات الشبه الإلحادية ومن أبرزها وذلك لأمور منها: 1 – أن مؤداها إنكار وجود الله في نهاية المطاف. 2 – تكذيب القرآن وإعجازه اللغوي والعلمي. 3 – تكذيب السنة وما جاء فيها من إعجاز علمي. 4 – وصم الإسلام بأنه دين لا يقوم على أسس علمية، وإنما هو خرافات وأساطير. 5 – أن الدين يصادم الحقائق العلمية. 6 – هذه الشبهة تُهمة لا تفرق بين الأديان الصحيح منها والمحرف، وأكثر ما تُلصق بالدين الإسلامي. وأصل هذه الشبهة يكمن في أمرين: الأول: أن الملاحدة تصوروا أن العلوم هي العلوم الطبيعية التجريبية وما سواها ليس علماً. وهذه السقطة الرئيسة لهم، التي سببت لبساً شديداً عند دراسة العلوم، وعند تأمل العلاقة بين الدين والعلم. الثاني: أن المتتبع لأقوال الملاحدة في هذه المسألة يجد أن دعوى التعارض تكمن في طريقة الاستدلال العلمي؛ أي الطريقة التي سلكوها للوصول إلى الحقائق العلمية المادية. وطريقتهم قائمة على معرفة الحقيقة عن طريق التجربة والمشاهدة، وهذا لا ينطبق على العقائد الدينية؛ لأنها متعلقة بعالم الغيب، ولا يمكن إخضاعها للتجربة، وهذا يجعلها معارضة للعلم – زعموا – . وهذا الأمر هو مكمن ضلال الملاحدة؛ وهو الذي حال بينهم وبين الإيمان بالله عز وجل. وقاعدتهم في ذلك (كل معرفة حقة مرتبطة بالتجارب، بحيث يمكن فحصها أو إثباتها بصورة مباشرة أو غير مباشرة). وأنبه: عندما أقول هنا الدين وفيما سيأتي فمرادي الدين الإسلامي خاصة؛ لأن ملاحدة الغرب والعرب يوجهون هذا النقد غالباً إلى الإسلام. فالردود هنا خاصة بالدفاع عن الإسلام. وعند التأمل في العبارات المختلفة التي صيغت بها هذه الشبهة، يتبين لي أنها قائمة على أمرين: الأمر الأول: أن الدين لا يقوم على أساس علمي، وإنما هو مجموعة أفكار متوارثة وأساطير وخرافات. الأمر الثاني: أن الدين ضد العلم والحقائق العلمية ولو أُعمل الدين لتصادم مع العلم. وقبل ذكر نص شبهتهم أنوه ب أن هذه الشبهة قديمة وليست حديثة، فقد وصم الكفار الدين الإسلامي بأنه دين خرافة وأساطير جاء بها محمد ﷺ، ومن ذلك قوله تعالى: {يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاً أَسَاطِيرُ الأَوَّلِين}. وقال سبحانه: ﴿وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا قَالُواْ قَدۡ سَمِعۡنَا لَوۡ نَشَآءُ لَقُلۡنَا مِثۡلَ هَٰذَآ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّآ أَسَٰطِيرُ 0لۡأَوَّلِينَ ﴾. وغير ذلك من الآيات التي تذكر مقولتهم هذه واتهامهم القرآن وما جاء به محمد ﷺ بأنه مجرد أساطير وأوهام وخرافات، لا حقيقة. هذه مقدمة، وفي الحلقة القادمة نستعرض أقوالهم في هذه الدعوى والرد عليها. عبدالعزيز بن محمد السريهيد [email protected]