في خضم التطور التقني الذي نشهده خلال السنوات الأخيرة، غزت حياتنا وسائل التواصل الاجتماعي على اختلاف أشكالها واهتماماتها، والتي جعلت من العالم المتباعد قرية صغيرة، يتواصل فيها بالبعيد أكثر من القريب، وساهمت في تسهيل الكثير من مهامنا وأعمالنا على مستوى الأفراد والمؤسسات، فهي الأسرع وصولاً والأقل تكلفة. ومن آثار هذا “الانفجار” التكنولوجي؛ شاركتنا هذه الوسائل في جميع أوقاتنا، وتسللت إلى حياتنا الخاصة، فنجدها حاضرة على موائدنا وفي مجالسنا بل وفي أعمالنا واجتماعاتنا، وربما أصر البعض على أن تكون هي آخر ما يغمض عليه عينه، أول ما يفتتح بها يومه قبل حمد الله أن مد له في عُمره ليستقبل يوماً جديداً وفرصةً جديدة للبذل والعطاء لإعمار الكون. فمن الآثار السلبية لوسائل التواصل الحديثة أنها سرقت منا أوقاتنا، وأضعفت الكثير من علاقاتنا الاجتماعية، بل وألهتنا عن واجباتنا تجاه أسرنا ومجتمعنا، فتجد البعض حاضراً جسداً بين أسرته غائباً عقلاً وفكراً عنهم. ليس الغرض من ذلك التشاؤم و”سب الظلام” كما يقال ففي وسائل التواصل من الإيجابيات أكثر مما يحصى؛ ولكن تسليط الضوء على مشكلة تواجهنا، لنضع خطوات جادة لمعالجتها، ونقضي في عالمنا الواقعي أكثر مما نقضيه في العالم الافتراضي، فأوقاتنا وأعمارنا قصيرة، وتمضي ونحن منغمسون في هذه الوسائل، والتي هي بحر متجدد لن نبلغ ساحله، فمن حسابات في تويتر والفيسبوك والواتس، إلى حسابات الانستقرام والتلغرام… والقائمة تطول، والتقنية تطل علينا بالجديد من غثها وسمينها. ويمكن أن تساعدك بعض تطبيقات الأجهزة الذكية في معرفة حجم الأوقات التي تقضيها على تلك البرامج، والتي قد لا تضيف إليك الكثير من المعرفة، وجرب أيضاً أن توقف إشعارات الرسائل الواردة من إعدادات هاتفك للبرامج الغير ضرورية، فقد ساعدتني هذه التجربة في التقليل من الدخول على هذه البرامج. عزيزي القارئ: سيطِر على وقتك، واملك زمامه، ولا تجعل التقنية تقودك كيفما أرادت، بل طوِّعها لخدمة أهدافك، وتحقيق طموحاتك، لتستمتع بوقتك مع أهلك ومحيطك الاجتماعي، بما يعود عليك بالنفع ويقوي علاقاتك بهم، ويحفظ عليك صحتك التي قد تتأثر بسبب الإفراط في استخدام الوسائل التقنية الحديثة. يسرني تواصلكم @m2025a