كشف مصدر دبلوماسي ليبي في القاهرة أن اللواء عبد الرحمن الصيد مسؤول الإمداد والتموين بالجيش الليبي غادر القاهرة مساء أول من أمس بشكل مفاجئ عائدا إلى ليبيا بعد زيارة مقتضبة دامت 24 ساعة فقط، من دون أن يجتمع مع المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يتولى السلطة حاليا في مصر بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس حسني مبارك. وأشار المصدر إلى أن الصيد التقى مع بعض مسؤولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية وليس رئيسه المشير طنطاوي. وأضاف: «حملوه رسالة خطية في ظرف مغلق، وغادر برفقة علي ماريا السفير الليبي بالقاهرة على الفور، يبدو أن مهمته لم يكتب لها النجاح». ولم يتضح ما إذا كان امتناع المشير طنطاوي عن لقاء المبعوث الليبي هو موقف سياسي للتعبير عن رفضه للطريقة التي يتعامل بها القذافي مع الشعب الليبي أم لمجرد ارتباطاته الملحة. كما لم يتم الإعلان رسميا عن أي محادثات أجراها مبعوث القذافي الذي يعتبر أرفع مسؤول ليبي يزور القاهرة منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام القذافي في السابع عشر من الشهر الماضي. وقال معارضون ومنشقون على نظام القذافي ل«الشرق الأوسط» إن القذافي يسعى إلى إقناع مصر بالموافقة على تزويده بكميات من الأسلحة والذخيرة لتعويض النقص الذي بدأت تعاني منه قوات القذافي التي تخوض منذ ثلاثة أسابيع معارك طاحنة ضد الثوار في مختلف المدن الليبية. وأوضحوا أن القذافي يسعى أيضا لإقناع السلطات المصرية بضبط الحدود المصرية الليبية المشتركة وعدم السماح لمعارضي القذافي في المنطقة الشرقية باستخدام هذه الحدود في الحصول على إمدادات من أي نوع. لكن مصادر مقربة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة قالت في المقابل ل«الشرق الأوسط» إن الجيش المصري رفض طلبا تقدم به القذافي لمساعدته عسكريا في الحرب التي يشنها ضد معارضيه، بيد أنها امتنعت عن توضيح نوعية وطبيعة هذه المساعدات. وأضافت: « قالوا لمبعوث القذافي إن مصر ليست طرفا فيما يجرى في ليبيا بأي حال من الأحوال على اعتبار أنه شان داخلي»، مشيرة إلى أنه وفقا لمعرفتها بطبيعة قيادات الجيش المصري فإنها لا يمكن أن تسمح بتورط القوات المسلحة في أي نزاع خارج الحدود المصرية. ولم يتطرق المجلس العسكري المصري إلى الأحدث الراهنة في ليبيا إلا بشكل عارض عندما أعلن عن تخصيصه مخيمات في المنطقة الحدودية لإيواء العائدين من الأراضي الليبية ومساعدتهم. وقال مسؤول بالمجلس الوطني الليبي المعارض للقذافي إن المجلس يتفهم عدم رغبة المجلس المصري العسكري في اتخاذ موقف أكثر تشددا ضد نظام القذافي بسبب خشيته من احتمال قيامه في المقابل بإجراءات عقابية تطال آلاف المصريين المقيمين في ليبيا. وامتنع المجلس في وقت سابق عن توجيه أي انتقادات لتصريحات أدلى بها سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد القذافي واتهم فيها مصر بالضلوع فيما وصفه بالمؤامرة الحقيرة على بلاده، لكن وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط استنكرها واعتبرها مستفزة ومسيئة. من ناحية أخرى، نفت مصادر عسكرية مطلعة ما تردد عن إحباط القوات المسلحة المصرية محاولة انقلاب قامت بها قوات من الحرس الجمهوري بمشاركة بعض قيادات وزارة الداخلية. وقالت صحيفة "أخبار اليوم" في عددها الصادر اليوم السبت: إن مصادر موثوقة أكدت أنه لا صحة إطلاقا لما بثته بعض مواقع الإنترنت المشبوهة عن إحباط القوات المسلحة محاولة انقلاب. وأكدت المصادر أن "هذه الأنباء عارية من الصحة جملة وتفصيلا، وتمثل جزءاً من سيناريو نشر الفوضى والبلبلة والشائعات". وشددت على أن مصدر أي معلومات هو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو إدارة الشئون المعنوية أو صفحة القوات المسلحة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك". من ناحية أخرى، نقلت قناة "العربية" عن مصادر موثوقة ومطلعة في الأممالمتحدة أن الحكومة المصرية السابقة برئاسة أحمد شفيق ومن خلال وزير خارجيتها السابق أحمد أبو الغيط وجهت دعوة إلى لويس مورينو اوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، للقيام بزيارة لمصر بعد أن فوضه مجلس الأمن بالتحقيق في احتمال وقوع جرائم ضد الإنسانية في ليبيا.