إن المتأمِّل لمنظومة الخلق في هذا الكونِ والملَكوت، تتجلَّى له شواهد العَظَمة ودلائل الربوبية الحقَّة والوحدانية لله عز وجل؛ خالقُ الكونِ ومدبِّرهُ والحاكمُ المطلق له: (ذَٰلِكُمُ اللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ). فَخَلَقَ؛ أي هيأ وقَدَّر في الأزل. وبَرَأَ؛ بمعنى أنشأ من عدم وأخرج منظومة الخلق إلى حيِّز الوجود، وصَوَّرَ؛ بأن أعطى كُلَّ شيءٍ هيئتهُ ومظهرهُ النهائي. هذهِ معاني الأسماء القُدسية الكريمة إذا اجتمعتْ في السِّياقِ ذِكراً .. فإذا افترقتْ أفاد الواحدُ منها جميع تلك المعاني. قال تعالى: (ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُۚ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ)، وقال سبحانه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا)، وقال عز وجل: (وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فسبحان الخالق القدير جلَّ وتبارك في عُلاه: 1/ دلائل الربوبية وشواهد العَظَمة في تنوّع واختلافِ مادة الخلق: فخلْقٌ من ذهب، وخلقٌ من فِضّة، قال صلى الله عليه وسلم: " جَنَّتانِ مِن فِضَّةٍ، آنيتُهما وما فيهِما، وجَنَّتان مِن ذهَبٍ، آنيَتُهما وما فيهما، وما بين القوْمِ وبين أن يَنظُروا إلى ربِّهم إلَّا رِداءُ الكِبرِ على وَجْهِه في جنَّةِ عدْنٍ.".[1] فلذهنكَ الخيال والأمرُ فوق تصوُّره!؛ أن تدخل مكاناً يبهركَ فيه بريقُ الذهبِ والفِضَّة أنَّى يممتَ وجهك وأينَ ترامَى منكَ البصر .. (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا). وفَرَاشٌ من ذهب، ففي حديثِ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "لمَّا أُسْريَ برسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ انتُهيَ بِهِ إلى سدرةِ المنتَهَى، … قال: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)، قالَ – غشيها- فِراشٌ من ذَهَبٍ ..".[2] وخلْقٌ من فِضَّةٍ في صفاءِ الزجاج؛ قال تعالى: (وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا * قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا). وخلقٌ من لؤلؤ؛ قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ في الجنَّةِ خَيمةً مِن لُؤلؤةٍ مُجوَّفةٍ، عَرْضُها سِتُّون مِيلًا، في كلِّ زاويةٍ منها أهْلٌ ما يرَون الآخَرين، يَطوفُ عليهم المؤمِنون".[3] وخلقٌ كأنَّهُ اللؤلؤ، قال ربنا: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا). وخلقٌ كأنهُ الياقوتُ والمرجان في حُسنهِ وجماله، قال تعالى في وصفِ الحور: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ). وخلقٌ من نور؛ قال صلى الله عليه وسلم: "خُلِقَت الملائكةُ من نورٍ".[4] وخلقٌ من نارٍ صافية؛ قال جلَّ جلالُه: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ). ونارٌ خاصيتها الإحراق بالحرارة، وأخرى تحرقُ وتُهلِكُ بالبرودة، قال صلى الله عليه وسلم: "اشتَكَتِ النارُ إلى ربها، فقالتْ: ربِّ أكلَ بعضي بعضًا، فأذِنَ لها بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ في الشتاءِ ونَفَسٍ في الصيفِ، فأشدُّ ما تجدونَ من الحرِّ، وأشدُّ ما تجدون من الزَّمْهَرِيرِ".[5] وخلقٌ من دُخان؛ قال تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَىٰ إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَاۚ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًاۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ). فسبحان العزيزِ العليم .. وخلقٌ من طين؛ قال ربنا عن خلق أبينا آدم عليه السلام: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ). وخلْقٌ لا نراه: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ)، وآخر لا نعلمُهُ: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). وخلْقٌ هو سِرٌّ إلهي لا نُدرِكُ كُنهه؛ قال تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً). وغير ذلك من جمالٍ في الملكوتِ والوجود؛ في الدنيا والآخرة؛ مصدرُهُ ومبدعهُ اللهُ (الجميل) سبحانهُ وتعالى .. فسبحان الخالق القدير جلَّ وتبارك في عُلاه .. سبحانكَ ربنا سبحانك .. أبداً أبداً سبحانك .. 2/ دلائل الربوبية وشواهد العَظَمة في منظومةِ خلقِ النوع الواحد فلما قَدَّر العليم الحكيم خلق آدم عليه السلام ليبدأ فجر البشرية التي أراد الله أن تكون، قبض قبضة من جميعِ الأرض؛ قال صلى الله عليه وسلم: "إن اللهَ تعالى خلقَ آدمَ من قبضةٍ قبضها من جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدمَ على قدرِ الأرضِ، فجاءَ منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلكَ، والسهلُ، والحَزنُ، والخبيثُ، والطيّبُ".[6] فتأمَّل يا رعاكَ الله كيف عادَ البنونَ إلى أمهم الأرض يُسامونها شبهاً؛ بمظهرٍ خارجي، وسمتٍ من صفاتٍ باطنة؛ والمسلمُ يهذِّبُهُ الإيمان ويُشَذَّبُ بالقيمِ الشرعية السامقة، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كان سهْلًا هيِّنًا لَيِّنًا، حرَّمَهُ اللهُ على النَّارِ".[7] ثمَّ لما قدَّر الربُّ الحكيم العليم الخالق خلقَ عبدهِ آدم من غيرِ أبوين؛ اقتضت حِكمتهُ البالغة أن تكونَ الصورة المقابلة هي الخلق من أبوين؛ فهؤلاءِ جملة البشر المخلوق من طين .. ولما اقتضت حِكمتهُ الإلهية جل وعزَّ؛ أن تكون أُمنا حواء من أبٍ دون أم، كانت الصورة المقابلة خلق نبيِّ الله عيسى من أمٍّ دون أب، فتَمَّتْ منظومة الخلق أربعاً في أبدعِ نظام وأكمل اتساق .. قال تعالى عن خلق آدم: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ). وقال سبحانه عن خلقِ حواء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءًۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا). وقال جل وتبارك عن خلقِ عيسى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌۖ قَالَ كَذَٰلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ). وقال سبحانه عن خلقِ سائر البشر الطيني: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) .. تبارك اللهُ أحسنُ الخالقين .. 3/ دلائل الربوبية وشواهد العَظَمة في الجمع بين النقائض في عُرف العقل!: فمن خَلقِ الله تعالى نوعٌ من الأسماء (الكهربائية)؛ بمعنى أن وسيلتها الدفاعية هي الصعق الكهربي لكل مفترسٍ مقترب، ومع ذلك تعيشُ في قلبِ الماء، لا الماءُ يؤثِّر فيها وفي خصائصها، ولا ارتفاع طاقتها وشحناتها الكهربية يؤثر في الماءِ وأحياءه .. تلك سمكة الرعاد الكهربية ذات الطاقة الكهربية العالية جداً والتي تُقَدَّر ب (700 فولت) .. سبحان الخالقُ القدير .. سبحان الملك القُدُّوس القائل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) .. –الآثار التربوية والمسلكية للإيمان بهذهِ الأسماء الكريمة: 1. أن من له الخلق سبحانهُ؛ هو وحدهُ يستحق العبادة دون سواه، قال تعالى حِكايةً عن أحدِ أنبيائه: (أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ * اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ). 1. أن المتفرّد بالخلق عز وجل، هو وحدهُ الذي لهُ الحكمُ والأمر والتشريع: (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ). 1. من الأدب مع الله تعالى عدم عَيْبِ شيءٍ من الخلق، فقد قال عز وجل: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُۖ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ). ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً قد أسدل إزاره أمرهُ برفعه، فاعتذر الرجل بما فيه، فأعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم الأمر، وأسَّس قاعدة شرعية هي مقتضى الأدب مع الخالِق جلَّ وعلا. عن الشريد بن سويد الثقفي، قال: "أبصر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يجرُّ إزارَهُ، فأسرع إليه أو هرول، فقال: "ارْفَعْ إِزَارَكَ، وَاتَّقِ اللهَ"، قال: إني أحنفُ[8] تَصطَكُّ ركبتايَ، قال: "ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَإِنَّ كُلَّ خّلْقِ اللهِ حَسَنٌ". فما رُؤِيَ ذلك الرجلُ بعدُ إلا إزارَه يصيبُ أنصافَ ساقيْهِ، أو إلى أنصافِ ساقيهِ".[9] 1. عدم التعدِّي على منظومة الخلق بالقتل أو التشويه أو سائر صنوف التعدِّي عدا المأذون فيه شرعاً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: قرصت نملةٌ نبيًّا من الأنبياءِ، فأمر بقريةِ النملِ فأُحْرِقت، فأوحى اللهُ إليه: أن قرصتك نملةٌ أحْرَقتَ أُمةً من الأُممِ تُسَبِّحُ"، وفي رواية أن الله أوحى إليه: "فهلَّا نملةً واحدةً".[10] فليس لأحدٍ صلاحية العبث بمنظومة الخلق أو أذيَّته أو إفنائه؛ خلا المأذون أو المأمور به شرعاً. فمثالُ المأذون فيه شرعاً؛ ما روته أمنا السيدة عائشة رضي الله عنها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمسٌ فواسقُ يُقتلْنَ في الحرمِ: الفارةُ، والعقربُ، والغرابُ، والحُدَيَّا، والكلبُ العقورُ. – وفي روايةٍ-: أمر رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بقتلِ خمس من فواسق في الحلِّ والحرمِ ..".[11] ومثالُ المأمور به شرعاً قولُهُ عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى). قال صلى الله عليه وسلم: "أشدُّ الناسِ عذابًا للناسِ في الدنيا، أشدُّ الناسِ عذابًا عند اللهِ يومَ القيامةِ".[12] 1. عدم مسايرة عَبَث التقنية؛ كبعض التطبيقات المعاصرة المستوردة، التي تُعمِلُ تراكيب برمجية شتَّى؛ كإلحاقِ أعضاء خلقية لمخلوقات أخرى على صورة الشخص؛ كالفلاتر الملحقة بالتطبيق المسمى بال (سناب شات)، فمن الناس من يرفق صورته أو صوراً لأحدِ أبنائه أو أحد معارفه، ثم يُلحق بها أنفاً لقط أو لأرنب أو أذناً لكلب، وغير ذلك!!!. (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ). وقد ذكر غير واحد من علمائنا الأجلاء الربانيين حُرمة ذلك، مستدلين بقول الله تعالى حكايةً عن موقف إبليس لعنهُ الله: (وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا). فالأصل في المسلم الذي شرَّفهُ الله بدينِ الإسلام والمبادئ والقيم الإيمانية الصحيحة، ألا يذوب في الثقافات المناقضة لدينه وهُويته الإسلامية؛ بل يأخذ منها ما ينفعه ويخدمُ دينه وثوابته الشرعية، ويضربُ صفحاً عما خالفها.[13] 1. عدم تغيير الخلقة والصورة؛ كعمليات التجميل التي لا ضرورة منها وإنما تدخل في باب الزينة المحرمة مما رتَّبَ عليه الشارع الحكيم لعناً أو وعيداً شديداً؛ كالنمص، والوشم، والوصل، والوشر، وتغيير اللون، وغير ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: "لعنَ اللهُ الربا، وآكلَهُ، وموكِلَهُ، وكاتِبَهُ، و شاهِدَهُ، وهم يعلمونَ، والواصِلَةَ، والمسْتَوْصِلَةَ، و الواشِمَةَ، والمستوشِمَةَ، والنامِصَةَ، والمتنمِّصَةَ"[14]. فتأمَّل كيف قرن رسول الله بين ذكر الزينة المحرمة التي فيها تغييرٌ للخلقة والصورة، وذكر كبيرة الربا المؤذنة بحربٍ من الله ورسوله. 1. أن الذي بيدهِ الخلق عز وجل؛ هو الذي بيدهِ مقاليدُ الأمور وخزائنُ كل شيء ورزق كل مخلوق، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ). 1. عدم مضاهاة الخلق الإلهي؛ قال صلى الله عليه وسلم: "أشدُّ الناسِ عذابًا يومَ القيامةِ المُصوِّرونَ".[15] سبحانك ربنا ما أعظمك (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [1] رواهُ البخاري. [2] رواهُ مسلم. [3] رواهُ البخاري. [4] رواهُ مسلم. [5] رواهُ البخاري. [6] حسنٌ صحيح. [7] صحيح. [8] أحنفُ الرِّجْلِ؛ أَيْ مُعْوَجَّةٌ إِلَى الدَّاخِلِ. وهذا ما يسمى بالكُساح. والبعض يُطلق عليه – جهلاً بالله تعالى-: يسميه عيباً أو تشوُّهاً كما دارج على ألسنةِ كثير من العوام! – تعالى الخالق علواً كبيرا-. [9] إسنادُهُ صحيح. [10] رواهُ البخاري. [11] رواهُ مسلم. [12] صحيح الجامع. [13] من يتأمل أحوال الناس اليوم يجد التقنية قد أسهمت بشكلٍ كبير في تسطيحِ الكثير من العقول والأفكار، وجعلت الاهتمام بالسفاسف أولى الأولويات!!. قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ يحبُّ معاليَ الأمورِ ويَكرَهُ سَفسافَها". حديثٌ صحيح. [14] صحيح الجامع. [15] رواهُ مسلم.