للإنجاز طرقه الواضحة، التي تتطلب عملاً جاداً ومستمراً دائماً من أجل تحقيق الأماني وتحصيل المرادات. وقد يسمع أحدنا كلمةً هنا، أو يقرأ تغريدة هناك، أو يحضر مجلساً يدور فيه النقاش حول موضوع ما، أو يناقش مشكلة محددة، فيصيبه الحماس المفاجئ، والرغبة الجامحة في تحقيق النجاح، ويدرك أنه طالما تمنى تحقيق تلك الأمنية، ولكن التسويف كان سيد الموقف في كل مرّة، وأنه آن الأوان لاتخاذ خطوات عملية لتحقيق الهدف المنشود. ولكنّه، يفرّغ هذه الحماسة المفاجئة في خطوات (تنفيذية) لكنها (غير مؤثرة!)، وغالباً تكون هذه الخطوة هي بشراء أو اشتراك، أو التحاق، فتراه بعد ذلك قد سكنت نفسه، وشعر أنه قد حقق إنجازاً ذا بال، وزال عنه تأنيب الضمير، مع أنه في الواقع العملي لم يحقق شيئاً. إنه أشبه بمن استمع لحديث عن رياضة (السباحة) وفوائدها، فتحمّس للأمر كثيراً، وأراد ممارسة السباحة كل يوم بغرض تحصيل اللياقة، فذهب واشترى لباساً للسباحة من ماركة معروفة، وكرسياً للجلوس بعد السباحة، ومشروبات لتناولها بعد السباحة، ومظلّة للجلوس تحتها، ونظارات لرؤية الكائنات تحت الماء. إنه هنا قد فعل (خطوات اللاشيء)! فممارسة السباحة لا ارتباط لها بالكثير من تلك الخطوات التي قام بها لتحقيق الرضا الداخلي، إذ الخطوة الأهم هي تخصيص الوقت بشكل منتظم، والذهاب لمكان السباحة وممارستها فعلاً. والأمر ذاته فيمن استمع لحديث ملهم من د.صالح الأنصاري عن المشي وفوائده الصحية العظيمة، فإنني أوصيه قبل أن يتخذ خطوة عملية أن يلتزم بالوقت المخصص للرياضة يومياً، ويواظب على ذلك شهراً أو أكثر. وحين يجد العزيمة متوقدة، والنفس متفاعلة، والجدية متحققة، فيمكنه أن يشتري بعدها جهازاً للمشي، أو يشترك في نادٍ للياقة، أو يشتري حذاء رياضياً مميزاً، أو يحمّل تطبيقاً يسجل نشاطاته ويحفزه لمواصلة النجاح. لاحظ أن اتخاذ خطوات الشراء وما شابهها إنما تكون بعد تحقيق النجاح المؤقت، وتحقيق إنجاز حقيقي أولاً. إنني أطلق على تلك الخطوات السريعة التي تقتصر على الدفع المالي (خطوات اللاشيء) لأنك حين تصنع تلك الخطوات، فلا تعتبر نفسك قد قطعت الشوط الأصعب، ولا بدأت النجاح، فالإحصائيات تدلّ على أن90% من هؤلاء يكتفون بخطوات اللاشيء ولا يجاوزونها ! إن من السهل أن ترسم خطة سنوية أو استراتيجية دقيقة، ومفصّلة، ومصممة بشكل جميل، وتضمنها أهدافاً عظيمة، وطموحات كبرى، لكن ذلك كله ما لم يتم إتمامه بالعمل الحقيقي فهو من (خطوات اللاشيء)! وأنا هنا لا أقلل من تلك الخطوات، فهي الخطوة الأولى، لكنها كثيراً ما تكون "المخدر" الذي يجعل النفس تشعر بالإنجاز الموهوم. فوصيتي الثابتة لنفسي ولك: ابدأ في العمل الجاد فعلاً دون تزويق أو تنميق. ابدأ تعلم اللغة المستهدفة بأي تطبيق جوال متاح، أو أي مقاطع وبرامج على اليوتيوب، ولا تدفع ريالاً واحداً لأي تطبيق مدفوع. ابدأ في قراءة الكتب الموجودة لديك وأعطها كلها وقتاً ثابتاً، ولا تشتر كتباً جديداً. اقرأ أو استمع أو التحق بالدورات المجانية التي تتناول الموضوع الذي يهمّك قبل أن تقرر الالتحاق بدورة مدفوعة. احرص على أن تقوم بتغيير سلوكك تجاه القضية المستهدفة، وأن تقوم بكل ما هو متاح وفق الموارد الموجودة والمجانية، ولا تنتقل إلى أي خطوة (مدفوعة) قبل أن تختبر عزيمتك على أرض الواقع، خصوصاً أن (خطوات اللاشيء) تضعف همّتك وحماستك، لشعورك الوهمي بأنك بدأت النجاح. محمد بن سعد العوشن إعلامي مهتم بالعمل الخيري