"عرسال" بلدة لبنانية معزولة نسبياً، إذ تبعد عن بعلبك مركز القضاء حوالي 38 كيلومتراً، وعن مركز محافظة البقاع 75 كيلومتراً، كما تبعد عن بيروت 122 كلم، وترتفع عن سطح البحر 1400 – 2000 م، مساحتها 316.94 كلم2 (122.37 ميل2، أو 31694 هكتاراً)، وتقع على سلسلة جبال لبنانالشرقية، وتشترك مع سوريا بخطّ حدودي طوله 50 كم. عرسال والثورة السورية وقفت مدينة عرسال إلى جانب الثوار السوريين، وقدمت لهم المأوى، والمساعدة، والدعم، وأصبحت محطة لجوء للسوريين الذين تدفق معظمهم من منطقة القلمون، على وقع شدة المعارك؛ بعد تهجيرهم الأول من بلداتهم في حمص. ونتيجة لموقف البلدة المؤيد للثورة السورية، تكرر قصف قوات النظام السوري لها بالصواريخ؛ الأمر الذي أدى – أكثر من مرة – إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى. آلاف اللاجئين وعن أعداد اللاجئين، أكدت ممثلة المفوضية التابعة للأمم المتحدة في لبنان، نينيت كيللي، في تصريحات صحفية: أن المفوضية سجلت 45 ألف لاجئ في عرسال، لافتة إلى أن البلدة "ما زالت تحتضن لاجئين، ولكن لا يمكن تحديد عددهم؛ لأن لا وجود للوكالات الأممية هناك". في حين قالت مصادر لبنانية: إن عدد النازحين في عرسال زاد على المائة ألف، وأكدت أنه لا بد من إيجاد طريقة لتخفيف الضغط عن عرسال، مشيرة إلى أن وضع النازحين في لبنان سيبقى على حاله، طالما ليس هناك اتفاق سياسي لإقامة مخيمات لهم. بناء المخيمات وبخصوص المخيمات التي يعتزم لبنان بناءها بمناطق حدودية مع سوريا، لفتت ممثلة مفوضية الأممالمتحدة إلى أنها ما تزال "قيد النقاش وخاضعة للقرار السياسي"، موضحة أن القرار اللبناني "لا يلغي المحاذير الأممية الداعية إلى عدم بناء مخيمات في أماكن النزاع خشية عسكرتها". وشددت على أن الوكالة الأممية على "استعداد لدعم لبنان، إذا ما قرر الانتقال إلى خيارات أكثر رسمية في المناطق الخطرة، كبلدة عرسال (متاخمة للحدود السورية)". اللاجئون معظمهم نساء وأطفال وعبرت "كيللي" عن أن مفوضية اللاجئين لا تسجل في لوائحها "أي محارب، أو منخرط في أي عمل عسكري" بمخيمات عرسال، وأن 82 في المائة من المسجلين لديها هم من الأطفال، والنساء". وتشير آخر إحصائيات المفوضية إلى أن عدد النازحين السوريين بلبنان تجاوز مليوناً، و400 ألف نازح. غرق المخيمات وتعرضت خيام بعض اللاجئين السوريين في منطقة عرسال اللبنانية للغرق، الأحد الماضي؛ نتيجة تساقط الأمطار الغزيرة، وسط مناشدات من احتمال تأزم الوضع، وتشرد الآلاف في وضع "مأساوي". وأكد نشطاء سوريون على "فيسبوك"، بأن هناك خياماً للاجئين جرفتها السيول، وبقي سكانها دون مأوى في ظروف جوية صعبة، مشيرين إلى أن الخيام لا تقي من الأمطار، والبرد الشديد في المنطقة. وطالب النشطاء بتأمين شوادر، وأدوية، وأغذية، ووقود للتدفئة؛ وإلا سيكون هناك آلاف من الأطفال مهددين بالأمراض، مؤكدين أن هناك ما لا يقل عن 70 ألف عائلة، معظمها من النساء، والأطفال تسكن في هذه الخيام. معاناة مستمرة وفي بيان له، دعا أحد الأحزاب السورية المعارضة، باسم أهالي ولاجئي عرسال العالم؛ لإنقاذ المحاصرين تحت القصف من لاجئين سوريين، أو مقيمين لبنانيين في قلب البلدة، الواقعة على الحدود السورية – اللبنانية. واعتبر أن "أطفال عرسال لا يختلفون عن أطفال غزة، وعن الأطفال ضحايا الهجمات الكيماوية في غوطة دمشق، وعن الأطفال المعرضين للقتل الممنهج في مناطق شتى داخل سوريا، على يد النظام". وختم الحزب بيانه بالقول: "أطفال عرسال يطالبون بعدم قتلهم مرتين، يناشدون العالم برفع الحصار، والمساهمة بعودة الحياة الطبيعية إليها، وينتظرون إدخال المعونات الإنسانية والطبية، ويأملون بفتح تحقيق نزيه خاص بالحوادث الأخيرة فيها، ويسألون حماية أهل عرسال ولاجئيها من كل ما يمس حياتهم، وكرامتهم". وفي سياق متصل، كشف تقييم غذائي أعدته منظمات دولية، على رأسها منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف)، أن الأطفال السوريين اللاجئين في لبنان يواجهون – بشكل متزايد – خطر الموت بسبب سوء التغذية. وتوصلت الدراسة إلى أن نحو 10 آلاف طفل، دون سن الخامسة، يعانون من سوء حاد في التغذية، بينهم نحو 1800 يواجهون خطر الموت. ويصاحب نقص الغذاء، ضعف الإمكانات المعيشية، وغياب الرعاية الطبية؛ ما يزيد من معاناة الأطفال الذين هربوا من شبح الحرب في بلادهم. ولا توفر المساعدات التي يحصل عليها اللاجئون السوريون في لبنان، العناصر الغذائية الأساسية، خاصة للأطفال، فيجد هؤلاء الصغار أنفسهم في مواجهة مع الجوع والمرض، إضافة إلى معاناتهم من البرد القارس، وضياع فرص التعليم. وقالت "منظمة اليونيسيف": إن تفشي سوء التغذية في أجزاء من لبنان، تضاعف تقريباً منذ عام 2012، محذرة من أن الوضع قد يزداد تدهوراً. معاناة كبيرة يتعرض لها اللاجئ السوري في لبنان، وتوقع خبراء أن حياة الآلاف من اللاجئين معرضة للخطر هذا الشتاء، في حال عدم التحرك لتأمين مخيمات مجهزة؛ لمواجهة الرياح، والسيول، والفيضانات، والعمل على تأمين وقود التدفئة لهؤلاء الذين يقطنون خياماً لا تقيهم حراً، ولا برداً.