بقلم/ عبدالله غانم القحطاني المدايح ماتجي للمذله ** والثعل ماجا ضناه الفهود!. لاشك أن طريب والمراكز المشرقية المحيطة به تعاني شح شديد، حيث لا يوجد شعراء مبدعين مقارنة بجيرانهم رجال الحجر أو قبائل تثليث وبيشة، وبالتالي طريب تاريخاً يخلو من توفر الشعر الإبداعي الذي تتناقله الأجيال ويحفظه التاريخ ويتداولة الناس على غرار قصيدة المقناص المشهورة للفارس الشاعر فراج بن ريفة.. وليس ذنب أحد أنه لم يكن بمستوى أبن ريفه أو شالح بن هدلان أو محمد العوني، فالمسألة ليست إختياراً بل هي مقدرة وموهبة وعلم وبيئة ووراثة.. وهذا لا يعني أنه لم يوجد ولو شاعر مُجيد واحد بطريب، بلى يوجد، كصاحب عنوان هذا المقال. ويكفي طريب أن فراج أبن ريفة وهو بعيداً في منفاه الإختياري وفي أشد المعاناة أشار إلى جمال وروعة طريب بعد هطول الأمطار، وشكراً له فقد خص شعاب الفيض ببديع شعره، وشبهها بالزروع العجيبة، والفيض مكان قريب من قريتنا بأعلى الوادي، ولم يذكر مشكوراً كرويل مثلاً بأسفله أو وادي لحيَة بغربه ولا حتى جهلان بالوسط، وربما لأنه تشاءم من معاني الأسماء الثلاثة، لكنه كرر الإعجاب في قصيدته فقال و"عطفة طريب" وأظنه يقصد العطيفة التي توطن بها جيراننا البدو أصدقاء وعملاء قريتنا التي علمتهم أساليب الزراعة وعبث التخطيط وتضييق الشوارع ثم خنقها بالشبوك والصخور، فكافؤا من علمهم بعرقلة وصول سيل العطيفة إليهم الذي كان حصراً يأتي لمزارعهم.. وهذا الوصف الجميل الذي خصنا به بأعلى الوادي الشاعر الكبير الخال فراج بن ريفه، يدل على أن الجمال دائماً يقع في الأعلى وليس بالأسفل بمثابة وجه الحسناء الباسم في جسم سمين ومترهل.. وأستغفر الله إذا كانت عطفة طريب تعني كامل طريب، وهو الواقع!، لأن العطيفة ليست أجمل من وادي الثفن، وقد سمعت أنها أصبحت شبه خالية من الناس وأغلقت مدرستها الوحيدة سابقاً لعدم توفر أكثر من 4 تلاميذ!. عوداً على بدأ..، لحسن الحظ أنه كان في طريب شخصية شعرية وحيدة، رحلت عام 1412ه، وهو فارس وعلم في شعر الوصف والمدح والهجاء، وبارع في توظيف شعره لغرض شرح معاناته وعلاقاته بالناس وبالطبيعه، كما وظفه من طريب بحماس ووطنية وتميز لإسناد الدولة السعودية بشكل فريد خلال معارك توحيد المملكة.. شاعر جلس في ديوان الملك فيصل وفي جميع مجالس حكّام منطقة عسير.. إنه البدوي والقروي والرحالة وصاحب التجارب والحظ المعاكس، والموظف السابق في الدولة الإدريسية!. هو الطريبي الشاعر محمد بن ناصر بن كدم.. شاعر كبير في زمانه الصعب، وفي بيئته الطاردة للمبدعين.. عاش في ظروف صعبة ولم يستسلم للعقبات والتحديات حتى أدركه الكبر قبل وفاته. طلبت من إبنه المحترم سويلم، مشكوراً، واحدة من ألمع قصائده التاريخية التي كنت أحفظ بعض أبياتها، وقد قالها الشاعر العبيدي قديماً في وضع سياسي وحربي مهم وخطير حين كان الفيصل يقود الجيش ويكسر المعتدين ويضع المعالم الأساسية للحدود الجنوبية… والقصيدة لن يستطيع قراءتها بنطق سليم إلاّ من عرف لغة الشاعر وعمق فكره وبعد مقاصده وسعة معلوماته السياسية والحربية والتاريخية وثقافته البدوية الأصيلة، وقد سمعت أجمل الشعر منه مباشرة في بيت والدي وجدي، ومن أراد سماعها بصوت إبنه سوليم بن محمد فهو أفضل من يقرأها بمخارجها الصحيحة.. (عقدان بئر بأعلى وادي الغول). يقول أبن كدم العبيدي محمد في ملحمة توحيد شعرية حربية وطنية رائدة: يالله اني طالب بالعطايا**مجرين الماء مع كل عود يعطي الجنه وجزل الهدايا **ساهر يوم الخلايق رقود يالله انك صرخنا والمظنه**عالم مافي خفايا السدود يالله ارزقنا واستر علينا**وابق لي فيصل إمام الجنود فيصل اللي ليتقدم ليبيرق **زاد ربك فيه عز وزود رافع ن السيف فوق المنافق**وان تحرك زقفه في الوقود واصل للزيدي لاعاد عيده**جعل حضه ينكسر ومعقود رد معروف الملك في الحديده**كل يوم مرسل له وفود من تعرض لال مقرن تنقد**عزتاله من حياة النكود زاغ عقله واشطفته المروه **واتَّبع بلقِيْسْ جاته فرود آل مقرن مثل وصف النماره **من حضر منهم ترى فيه زود مثل عُقْدَانِ تصدّر وروده **مانقص من جمته ركز عود والإمام اللي حجاب علينا**مايمالي في جنوده حسود تجرة الفقران سيل الحشاير**لَلْتُوا الكفار يرقى سنود ليرسا في نجد وارست نصوبه **جاك برقه والرعد للحدود ناصي صنعا تخالف ربابه **من وحف شعفه تْسِير الحيود ليدقل سيله يشيب اللمايم **مايَبَقِّي في المحاني سدود بنشد الشعار تثني علينا**كيف زرق الرمح من غير عود وكيف سيف مايجود نصابه**مثل من يملك ولاله جنود المدايح ماتجي للمذله **والثعل ماجا ضناه الفهود ومن زرع زرع على غير حلّه **مالقاه الا العنا والنكود والردي نقص ولا من سرّه**والردي نقص ولا منه زود والردي لما حضر في مشوره **فشل الغيّاب واللي قعود والخَضَرْ لهبي ضوح يدخن**ساج في العينين وامست سهود ذا كلام لابن كدم العبيدي**يوم شرف عاليات الرجود اصلنا قحطان من صلب عامر **خير من جاهد وشب الوقود ليحربنا بندرِ خرب ساسه **كن زفق الدم طفير يزود كن شب ضوينا والمناير **مثل مجراد التهامي يذود أي سلطان قِدَمْ ماحكمنا **كنه بياع الجمل بالقعود الجمل شيال طحم العدايل**لاقبل الشيّال عنها يحود شالها هي والرواوي بجنبه **وزاد وصَّل قاصرين الجهود ومن يكاذبني فيبدي براسه **وانسب الجدان ليعصر هود حن جنود للنبي والصحابه**يوم بوطالب قِدَمْ للجرود يوم جا في حرب خيبر وبابه**والجنايز سحبت في النفود قيسوا الشروال وساووا العمايم **وختنوا المؤمن وكبوا اليهود غير الثنا والشكر كله لربي **من جعلنا لابن مقرن جنود ينصف المظلوم من كل طاغي **وللدعاوي في الشرايع شهود بطلب الله كل ما امسي وما اصبح **والنبي يشفع لعبد سجود