هو فريوان بن سلمان الناجي الفليحاني(1)، عاش في القرن الرابع عشر الهجر، كان أحد أهم شعراء الجوف المعاصرين الذين عايشوا جيلين متناقضين، جميل الوصف، قوي العبارة، ومن قصائده تلك القصيدة التي تخلل أبياتها الوصف والحكمة قيل إن سبب الأبيات أن الشاعر أصيب بمرض عضال جعله طريح الفراش لمدة، وقيل عدة سنوات لم يترك فيها وصفة علاجية شعبية إلا وجربها، ولا طبيبا إلا زاره، ولكن لم يشأ القدر له الشفاء، وظل طريح الفراش مبتهلاً لله وداعياً أن يشفيه ويعود له بصحته التي افتقدها؛ حيث إنه لم يعد يتحرك أو يمشي بحرية كما كان، وبعد أن مَنّ الله عليه بالشفاء وعادت إليه صحته، وأيقن أن الصحة لا تقدّر بثمن، وعرف في قرارة نفسه الفرق بين أن تعيش بصحة جيدة حراً طليقاً، وبين أن تعيش مريضاً طريح الفراش، لا تكاد تستطيع القيام بواجباتك الشخصية، إلا بعد جهد وتعب، وعند ذلك أنشد قائلاً: أشهد إن العافية مالها مثيل هي ربيع القلب وثمرة الحياه يا الله ياللي لا مقل ولا بخيل باسطا سبعا ً تحت سبعاً بناه يالله أطلبك السموحة يوم أعيل واطلبك بالعفو في وقت الوجاه ما حلا الفنجال مع ربعٍ نزيل والحلال شباع في راس الفلاه وملية المفواح من ركن المسيل(2) يوم ينقع بين بطحا والصفاه ترى الطيب يندمح له لو يعيل والردي ما ينتواخذ في رداه ترى الطيب كل ما حمّل يشيل والردي أدنات ما يبهض خفاه إن إحتاجك صار لك أقرب خليل وان إحتجته باع وجهه في قفاه الردي لو جاد له جودٍ قليل يجزم إنه جاد جودٍ ما وراه ما درى إن الطيب مرقاب طويل كايدٍ ما كل من راده رقاه والردي عن نطته صابه جفيل مثل جفال الجرب عن حس الطلاه وللشاعر كثير من القصائد الجميلة والروحانية، وله كثير من النقائض والمساجلات مع شعراء قومه وغيرهم من الشعراء. وهذه رائعة أخرى من روائع هذا الشاعر، وهي أيضا في الوصف والحكمة وشعر النصح. قال في إحدى قصائده التي يوجهها لأخيه رمثان: إن كان ربي ناويٍ لي سبب خير لو اتودّر(3) عن محاريه جاني وإن كان ربي كاتبٍ لي دعاثير لوّي بكبد الخضيرا رماني وله في القهوة قصيدة تحتوي على بعض المعاني والأبيات التي قد تنطبق على هذا الزمن الذي انشغل فيه الجار عن جاره: يا مسوّي الفنجال زوّد بهاره الله يمهلك سنين طويله انا عليّه ماه ووقاد ناره وآحضّره والرزق ربي كفيله اللي يجلّي ليلها عن نهاره مده ولا مد اليدين البخيله ودقّه بنجرٍ يوم تمسك بطاره طنيب ذيب مفختن عن زميله وصبه على اللي مايهاب الخساره هديب شيّال الحمول الثقيله ان ركّبت شهب الليالي غباره حِمل خويه فوق حِمله يشيله اشوف لي وقتن كثيرن غياره الخير واجد والوناسه قليله والجار ما يشفق على شوف جاره وقطع الرحم والدم بين القبيلة تلقى ثلاث رجال في وسط حاره ألو حديهم ينوجع(4) مادريله توفي عام 1409ه تقريباً، وقد اندثر أكثر قصائده ولم يبق منه إلا القليل. 1 - كنوز الشعر والشعراء، سلمان الأفنس الشراري، مخطوط. 2 - ملية: تعبئة. المفواح: الإناء الذي يوضع فيه الماء، أكبر من الإبريق . 3 - اتودر: بمعنى اختبأ. 4 -ألو: بمعنى لو و(ألو) سليمان الأفنس ملفي محمد حلوان الشراري