ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    جرأة الحلول الإسكانية!    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    محترفات التنس عندنا في الرياض!    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    رقمنة الثقافة    الوطن    قناصو الأوفياء.. لا تفرح بأصدقاء قلوبهم مدينة    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    في الجولة الخامسة من التصفيات الآسيوية لمونديال 2026.. الأخضر يواجه نظيره الأسترالي لانتزاع المركز الثاني    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    اختبار أول شبكة اتصالات للذكاء الاصطناعي    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعادة التنوع الأحيائي    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    198 موقعاً أثرياً جديداً في السجل الوطني للآثار    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    أجواء شتوية    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    القضية الفلسطينية من الجد إلى الحفيد    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    المنتخب يخسر الفرج    بوبوفيتش يحذر من «الأخضر»    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    الذاكرة.. وحاسة الشم    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    إسرائيل تقتل وتصيب 45 فلسطينياً في غزة    القبض على إثيوبي في ظهران الجنوب لتهريبه (13) كجم «حشيش»    نائب وزير العدل يبحث مع وزير العدل في مالطا سبل تعزيز التعاون    إرشاد مكاني بلغات في المسجد الحرام    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ قالب الدلح: فنان تشكيلي يروي حكايا الزمن الجميل بلوحات توثق التراث الجازاني
نشر في الرأي يوم 12 - 11 - 2024

- الرأي - تقرير : خلود النبهان - جازان :
في حديثه مع صحيفة " الرأي " فتح لنا الأستاذ قالب الدلح نافذة على عالمٍ من الأصالة والذكريات، عالم تفوح فيه رائحة الأرض وعطر الحقول، حيث تنساب المشاهد القديمة كما لو أنها تتجسد من جديد على سطح لوحاته.
إنه فنان تشكيلي من طراز فريد، ينهل من بئر التراث ويصب عصارة حبه للماضي في لوحات تتحدث عن الماضي ، مستحضرًا في كل تفاصيلها روح حياة عاشها وكأنها تعود للحاضر بين يديه .
رحلة البدايات.. الشغف الكامن في ثنايا الأيام
وُلد الأستاذ قالب إدريس الدلح عام 1372ه في بيش العليا، وحمل معه حبًا فطريًا للفن منذ صغره، كان يرى الجمال في التفاصيل البسيطة، ويحتفظ بذكريات عميقة من حقبة الستينات والسبعينات، تلك الحقبة التي عاشها بكل تفاصيلها وشخوصها ومشاهدها.
انطلق بعدها في مسيرته كمعلم في التربية الفنية، فأتقن تعليم الأجيال فنون الرسم والخط، فيما ظل الفن التشكيلي شغفاً كامناً في أعماقه، كجذوة تنتظر أن تتقد.
عقب تقاعده عام 1432ه، وجد الأستاذ قالب نفسه أمام بحر من الحرية، وقرّر حينها أن يطلق العنان لريشته، فبدأ بجدارية ملحمية في منزله امتدت بطول 13 متراً وارتفاع 3 أمتار، لتحكي حياة الريف الجيزاني بأدق تفاصيله، مجددَا مشاهد زمن مضى؛ مشاهد يراها كل من يتأملها وكأنها تتنفس أمامه.
الرسالة الفنية: استحضار الماضي ليبقى حياً في ذاكرة الأجيال
يرى الأستاذ قالب أن لكل ضربة فرشاة غاية تتجاوز الجمال البصري، فهي بوابة تفتح على ماض عاشه، لكنه لم يفقد بريقه في قلبه. يقول في حديثه ل"الرأي": "لوحاتي ليست مجرد ألوان، إنها تجسيد لحياة الناس في الريف الجيزاني، أريد أن أُري هذا الجيل كيف عاش أجدادهم في بساطتهم، كيف كانت حياتهم خالية من التعقيد لكنها مليئة بالحب والصبر، كيف واجهوا قسوة الطبيعة بقوة واعتزاز."
أعمال الأستاذ قالب هي دعوة مفتوحة للعودة إلى الجذور، وهو يسعى من خلالها إلى ترسيخ ذاكرة مجتمعه في قلوب أبنائه، لينقل لهم روح الأجداد من خلال مشاهد يومية؛ نساء يقمن بجلب المياه، وأطفال يلهون في الحقول، وشيوخ يتسامرون في ليالٍ قروية هادئة، كل هذه التفاصيل تنقلها لوحاته بروحٍ صادقة، وكأنها نوافذ تطل على زمن قديم تخللته قصص لا تزال نابضة بالحياة.
أسلوب فني يبرز فيه الصدق والبساطة
رسم الأستاذ قالب بأسلوب بسيط نقي من التصنع، يعتمد فيه على ألوان هادئة وخطوط واضحة، ليرسم مشاهد مألوفة يستطيع الجميع قراءتها بسهولة ووضوح. أسلوبه يبرز في اندماجه الكامل في اللوحة، حيث يغوص في تفاصيلها ويعيش اللحظة بكل جوانبها، فتبدو لوحاته وكأنها انعكاس حيّ لماضيه.
وتُعدّ بساطة أسلوبه سراً من أسرار جاذبية أعماله؛ فهو لا يسعى لإبهار المتلقي بقدر ما يطمح لأن يصل إليه بصدق ودفء، ليجعل من الفن لغة حوار صامتة، تترجم مشاعر الماضي بلمسات حانية.
ويؤمن الأستاذ قالب بأن الفن التشكيلي هو سجل الشعوب، وأنه يشبه تلك الرسومات والنقوش التي عُثر عليها في كهوف وحفريات الأمم القديمة، ليحمل في طياته الحكايات والأسرار، ويظل شاهداً على حياة عاشها أناس رحلوا لكن أثرهم بقي.
وعبر لوحاته، يأمل أن يحتفظ كل بيت بلوحة تحمل في طياتها قطعة من تراث الأجداد، تجسد روح الزمن القديم بحكاياته وألوانه.
مشاركاته الفنية وإسهاماته في حفظ التراث
شارك الأستاذ قالب في العديد من المعارض الفنية التي نقلت لوحاته إلى جمهور واسع، وأسهم في تأسيس فريق فني بمحافظة بيش يعنى بالفنون التشكيلية والحرفية، كما أسس جمعية "جسفت" في جازان لدعم الفنون المحلية وتعزيز التراث، ولا يزال يحمل حلم التعاون مع جمعية التراث في جازان لجمع هذا الفن التراثي وتوثيقه، ليكون ذخراً للأجيال القادمة.
ابداع يروي حكاية الأجداد
في حديثه ل " الرأي "، أشار الأستاذ قالب إلى بعض لوحاته المميزة التي تجسد مشاهد تراثية حية، مثل لوحات الخريف في بيش ومشاهد الإفطار والسحور خلال شهر رمضان، معتبرًا إياها سجلًا عاطفيًا وذاكرة نابضة لزمنٍ مضى.
ويقول: "لوحاتي ليست مجرد فن؛ إنها إحياء لروح تلك الأيام، رسالة أوجهها لكل مهتم بالتراث ليبقى حيًا في قلوب الأجيال المقبلة."
بهذا الإخلاص للفن والتراث، يظل الأستاذ قالب الدلح سفيراً للجمال البسيط، جامعاً بأعماله بين الماضي والحاضر، ومانحًا لأبناء جازان نافذة يرون من خلالها حكايات الزمن القديم، ويحتفظون بذاكرة أصيلة تنبض بحياة الأجداد وروح المكان.
ختامًا :
يبقى الأستاذ قالب الدلح من أبرز الفنانين الذين استطاعوا أن يحفظوا في لوحاتهم الذاكرة الجازانية بكل تفاصيلها وحكاياتها، من خلال أعماله.
لا يقتصر إبداعه على الرسم فقط، بل يتجاوز ذلك إلى تقديم شهادة حية عن حياة الأجداد وواقعهم البسيط والجميل. يظل التراث الجيزاني حياً في قلبه، ليُعيده إلى الأجيال القادمة عبر لوحات مليئة بالصدق والمشاعر.
وفي كل لوحة من لوحاته، هناك دعوة للعودة إلى الجذور، لنتذكر كيف كانت الحياة تتنفس حبًا وصبرًا، وكيف يمكن للفن أن يكون وسيلة فعالة لحفظ الهوية الثقافية والتراثية للأجيال المقبلة.
‹ › ×


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.