جذبت البساطة والعفوية التي تسيطر على اللوحات التراثية المعروضة بمهرجان جدة؛ خصوصاً "جدرانية جدة، ومعرض أيامنا الحلوة" بفعاليات "رمضاننا كدا 2"، زوار المهرجان، وغمرتهم الفرحة العارمة وهم يشاهدون تراث الآباء والأجداد، بكل حارة وزقاق تحمل الكثير من الذكريات. وتحمل اللوحات بين جنباتها رواشين الحارات العتيقة، ومركاز العمدة، يجلس عليه ثلة من أهل الحي، وبسطات الأكلات الشعبية تُزَيّنها الأهازيج المصاحبة.. كلٌّ يُسَوّق لمنتجه بطريقته الخاصة، في مشهد يقابله الزوار بالتأمل الطويل والاندهاش؛ حيث اجتذبت لوحة تشكيلية رُسِم عليها زاوية بيت قديم يحتضن أسرة مُكَوّنة من أربعة أشخاص يفترشون الأرض إلى جوار بعضهم، يتبادلون الحديث والابتسامةُ تملأ مُحَيّاهم، عيونَ معظم زوار المكان.
وخلال المعرض ابتكرت "جدرانية جدة وأيامنا الحلوة" طريقة جديدة لتعريف الأجيال الجديدة والزوار بتراث جدة القديم.
وتتلخص فكرة "الجدرانية" في ترجمة التراث الحجازي على شكل لوحات تشكيلية، حَمَل رايتها منصور الزامل، الذي بدأ بفكرة تجميع الفنانين لتقديم الأعمال الفنية للزوار، وبدأت فكرة إنشاء الجدارنية منذ إطلاق فعاليات "كنا كدا"؛ برغم أن المعرض مستمر على مدار العام، ولم يعُد مقصوراً على فعالية معينة، ويتم استقبال الزوار طول العام؛ وبخاصة الأجانب الذين يحرصون على زيارة المنطقة التاريخية، ويتم خلال زيارتهم تقديم تاريخ جدة القديم عبر لوحات تشكيلية، وهذا هو الهدف الأساسي من فكرة الجدرانية.
وبحسب مسؤول "جدرانية جدة وأيامنا الحلوة" بفعاليات "رمضاننا كدا 2" الفنان التشكيلي إحسان برهان؛ فإن قرابة 35 فناناً تشكيلياً منتسباً للجدرانية، تم اختيارهم بعناية؛ بما يتوافق مع الروح التي يُراد إبرازها للزوار والمتذوقين للفن، ويرأس فريق الجدرانية ضياء عزيز ضياء.
وتُرَكز لوحات الفنانين على إبراز البيت الحجازي الذي تتسم به بيوت جدة التاريخية؛ باعتبارها تحفة معمارية تعكس ثقافة سكان تلك المباني، كما تصف الرسومات أيضاً شيئاً من الحياة المجتمعية التي عاشها الآباء والأجداد، إلى جانب عاداتهم وتقاليدهم، ومجال خصب للباحثين في التراث، ومَن تستهويهم أعمال الديكور والبناء.
بمجرد أن تخطو خطواتك الأولى لمعرض "جدرانية جدة وأيامنا الحلوة" تجذبك الرسومات، وتخطفك روح الحياة التي عاشها الأسلاف، التي ترجمتها أيدي الفنانين التشكيليين؛ فالصالة الأولى يحكي معظمها التراث الحجازي باعتباره الهدف الأساسي من الجدرانية، تليها الصالة الثانية التي تتحدث عن حياة الناس في تلك الفترة وعاداتهم وتقاليدهم، والصالات المتبقية تحوي لوحات مواضيع مختلفة، لها علاقة بالإرث التاريخي لجدة القديمة.
وأشار الفنان التشكيلي "إحسان" إلى أن الزائر للمعرض سيأخذ فكرة رائعة عن جدة التاريخية؛ لكنها غير كافية؛ فالمعرض برغم أنه قدّم -بشكل مختصر- فكرة التراث الحجازي؛ فإن بعض الجوانب والمواضيع لم يتم تغطيتها بشكل كامل، ولدينا توجه لإضافة مساحة أكبر لتغطية الجوانب التي تحكي عن التراث الحجازي.