(الحَيَاة) هذا اللغزُ العجيب الذي لمْ يستطعْ أحدٌ أن يفكّ شفرته..!! قدْ يراها بعض اللاهثينَ بحثًا عن الكسبِ لعبةً جماعيةً، الفوزُ فيها لشخصٍ واحد، فتراهُ منهمكًا في الركضِ حتى ولو على جماجمِ غيرهِ، المهم أن يكسبَ وبكلّ الطرقِ المشروعةِ وغيرِ المشروعة ..! وهناكَ من الحالمينَ الذي يرى أنّ الدنيا بستانٌ متنوعُ الأزهارِ و الأطيارِ، فيحيا متنقلًا بينَ أفكاره، مُوغلا في ملذاتهِ، فلا يستيقظُ إلا على صدمةٍ تهزّ أركانهُ، وتعيدهُ لجادةِ الصواب ..! وهناكَ عقلانيونَ يعلمونَ أن الحياةَ كفاح، يحفرونَ الصخرَ لكي ينجحون، غير آبهينَ برأي الآخرينَ فيهم ..! إذ اعتادَ بعضُنا على انتقادِ الآخر حين ينهمكُ في صنعِ ذاته، وتكوينِ نفسهِ بصورةٍ مُلفتة، فيبدؤونَ في انتقادِ أسلوبِ حياته إما حسدًا أو غِيرة..! الحياةُ ليستْ سهلةً على الإطلاقِ، والنجاحُ فيها متنوعٌ ومتباينٌ أيضا .. فقدْ يعتقدُ البعض أنّ النجاحَ هو الكسبُ المادي، والآخرُ في الشهرةِ، وثالثٌ في الوظيفةِ، ورابعٌ في الاستقرار .. كلّ شخصٍ يرى الحياةَ بعينهِ ومنظارهِ هو، فالتعيسُ يراها بائسةً، كئيبةً، رماديةَ اللون ..! والسعيدُ يضربُ الأمثالَ في جمالِ الحياةِ وأناقتها، وبينهما صاحبُ المنطقةِ الباردة، يومًا محلقًا، ويومًا آخر يئنّ في القاعِ يندبُ حظه..! الحياةُ رحلةٌ قصيرةٌ نُسيرها وكأنما نحنُ في قطارٍ سريعٍ نعلمُ جميعًا محطتهُ الأخيرة، ولكننا نتجاهلُ ونعيشُ اللحظة ..! والعاقلُ من صنعَ لنفسهِ محطاتٍ يتوقفُ فيها للتزودِ بالزاد، ومصباحٌ يضيءُ له الطريقَ، فليسَ بالضرورةِ أن يُقاسمك الحياةَ أحدَهم لتنجح..! فكم من وحيدٍ سارَ حثيثًا فصنعَ نفسهُ، وخطّ مستقبلهُ فوصل .. وكم من جماعةٍ شتَاتها وتفرّقها كان في اجتماعها وخلافِها واختلافها..! وقوفكَ على مسافةٍ مناسبةٍ من الآخرينَ فرصة جيدة لتراهم فتميز ما يناسبك منهم فتقربه أو تبتعد عنه وما يعتنقه من أفكار وبهذا تسْتطيع أن تحْيا حياتكَ التي تريدُ دونَ منغصاتٍ من أحد.