ويعود رمضان شهر الخير وموسم الطاعات وفرصة العمر للتوبة ومراجعة التعاملات مع الناس إنطلاقاً من هدي رسولنا الكريم. شهر عظيم لتقديم ما يمكن لكل محتاج ولو بكلمة طيبة حتى وإن كان ذلك تجاه شخصاً غنياً بمتاع الدنيا، أو جبر لخاطر إنسان فقير أو ملهوف يعيش الكفاف بأي شيء يدخل على اسرته السعادة. والعطاء بأول رمضان للمحتاجين وخاصة الأقارب أجمل وأنفع وأبلغ وأسعد من آخره لمن أراد الخير وسعادة الأرحام والأطفال وخاصة الأيتام. رمضان الجديد فرصة جديدة للإستغفار لمن أخطأنا بحقهم أو انتقصناهم بجهلنا وضعفنا، وفرصة جديدة لتذكر من تناسينا وجودهم وتاريخهم عبر مشوار حياتنا لمجرد أن الله اغنانا بفضله فأعرضنا عن زياراتهم أو دعوتهم. ولاشك أن إطلالة رمضان المبارك علينا مجدداً ونحن أحياء هو فضل من الله ورحمة وبنفس الوقت يذكرنا بمن فقدناهم برحيلهم عن حياتنا وما نحن عنهم ببعيد وتلك سنة الله وفضل منه لمن رآها كذلك.
وبما اننا في أول حديث لسحر رمضان ١٤٤٠ه ونلتقي هنا مجدداً عبر موقع هذه الصحيفة الوطنية الوثّابة التي جاءت فكرتها وفكرها وعزيمة شبابها من وادي طريب الجميل، أجدها فرصة لدعوة ابنائي وإخوتي شباب هذا المكان العريق في كل مكان لمزيداً من التواضع لله تعالى أولاً ثم لعبيده الناس كما كان اسلافنا بتلك المبادىء والسلوك الإنسانية الرفيعة والثقة بالنفس واحترام الغير وبذلك الجمال والمحبة والصدق والوفاء.
استفدت كثيراً من مدرسة والدي متعه الله بالصحة ومزيداً من الإحتساب وقد تجاوز ٩٠ حولاً، وذات مساء قريب سألته عن الفرق بين عدة أجيال اكبر منه في هذا الوادي التاريخي المثير وقد عاصرهم بنفسه وبين أجيال أخرى لاحقة اصغر منه عمراً ومن جيله، ولم يشأ الجواب بدايةً، وبعد المحاولة قال: الأوائل متواضعين وفرسان و”عقداء” وكانت افعالهم هي سمعتهم وكان تواضعهم وبساطتهم هي التي رفعت مقامهم ومكانتهم، وتاريخهم شاهد، هم رجال لا يتحدثون عن انفسهم أبداً ولا عن مآثرهم إلا بقدر ما يتطلبه الحديث المغلق مع الخاصة أو مع الأصحاب أو في مجال نادر يتطلب ذلك، أما المتأخرين فأنت ترى وتسمع “ولا تتنشدني”والله يحفظكم جميعاً ويحفظ بلادنا ودولتنا. انتهى الحديث. اعتقد انني فهمت ما أراد أن يوصله لي ولكن من يدري ربما لم افهمه.