تجاوزت كندا حدود اللياقة والأدب في التعامل السياسي مع المملكة وتدخلت في شأنها الداخلي الذي ليس للكنديين فيه اي مصلحة، فجاءها الرد السعودي صادماً وسريعاً ومؤلماً. والأهم انه كان رداً ثابتاً وتصعيدياً ولا مجال معه للتراجع من حيث عودة العلاقات لطبيعتها أو السماح للحكومة الكندية بالحصول على شرف المشاركة مجدداً في تنفيذ مشاريع التنمية الهائلة بالمملكة قبل ان تصحح مواقفها.
وقريباً سنرى اعتذاراً كندياً مُعلناً، ورغبة قوية لعودة العلاقات والشَّرَاكات والمصالح مع المملكة، وقد يرافق ذلك اعتذاراً سرياً وتراجعاً كندياً عن دعم المخربين عملاء المنظمات الحقوقية التي تحركها جهات ارهابية ودول اقليمية خارجة عن القانون الدولي، وبالتحليل فإن هذا هو أقل ما يمكن أن تقبل به السعودية.
وقبل مغالطات كندا الأخيرة كان للمملكة موقف شجاع وحاسم ضد موقف المانيا المغلوط الآخر والمتحامل على الرياض حيث انساقت بموجبه الخارجية الألمانية بوزيرها السابق “زيغمار غابرييل” خلف دعايات وضغوط الثورة الارهابية الايرانية وخلف اغراءات تنظيم قطر الارهابي وخلف مغالطات ونزق وزير خارجية حزب الله صهر الرئيس المدعو “جبران باسيل” فتم سحب السفير السعودي من برلين للتشاور ومن ثم تُرِكَ الأصدقاء الألمان يترنحون دون قبول لتفسيراتهم الغير مقبولة والتي تقول ان وزير الخارجية “زيغمار” ينتمي الى الحزب الديمقراطي الذي يختلف عن الحزب المسيحي الذي هو حزب المستشاره ميركل!، بل أن معالي وزير خارجية المملكة الأستاذ عادل الجبير قال للألمان مباشرة في تصريح قوي ” لسنا سعداء بتصريحاتكم، والسفير السعودي لن يعود لبرلين قبل تشكيل حكومة المانية جديدة، واعلموا أن التعامل مع السعودية يختلف عن التعامل مع كرة القدم.
لم تغير المملكة موقفها الوطني الشجاع من المانيا فكانت الحقيقة التي واجهتها زعيمة اوربا بنفسها فصححت موقفها وقدمت اعتذاراً واضحاً للمملكة ومن مقر الأممالمتحدة على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ٢٠١٨م، وقال وزير الخارجية الألماني الجديد نصاً {في الأشهر الماضية شهدت علاقاتنا سوء تفاهم يتناقض تناقضاً حاداً مع علاقاتنا القوية والاستراتيجية مع السعودية ونحن نأسف بصدق لهذا}.
الخلاصة انه قبل عدة اعوام اعتذرت السويد للملكة وتراجعت عن مواقفها، وكندا حالياً تسعى للإعتذار والتراجع وتقليل خسائرها، وهاهي المانيا الأكبر اقتصاداً في اوربا ومن كندا تقدم اعتذارها وأسفها، فتبادر المملكة لقبول ذلك الاعتذار والسفير السعودي في طريقه لبرلين، ومعالي الوزير الجبير يدعو نظيره الألماني لزيارة الرياض، وقبل أيام سارعت حكومة اسبانيا وأزالت مطب كاد يدخلها في مآزق وخسائر لاحصر لها لو تأثرت علاقتها بالرياض بسبب تصرفات حزبية حمقاء داخلية غير مسؤولة.
كل ماسبق يؤكد على سلامة مواقف المملكة وصدق منهجها الداخلي والخارجي وعلى نجاعة سياساتها الدولية، ويؤكد تفوقها في مواجهة مغالطات بعض الدول المتقدمة التي تُصنف نفسها ضمن العالم القوي المتحضر! كألمانيا والسويدوكنداواسبانيا، فكيف بمن هم أقل من تلك الدول مكانة ومستوى وصفة كإيران وعملاءها المُخربين بجنوب بيروت وبالدوحة ودمشق وصنعاء وحشود العراق وغيرها.
هنا يبرز الدور الكبير للسياسة السعودية ولدبلوماسيتها الرصينة، وهنا تظهر السعودية بوزنها وبمكانتها وبتأثيرها الحقيقي اقليميا ودوليا، عربيا واسلامياً، وهنا لسان حال الواقع في اوربا واميركا الشمالية الذي يقول لا مجال لأن ننظر الى السعودية بغير انها دولة قوية ومحترمة وذات مصداقية، ولها تأثير دولي وحضور فاعل وهي دولة تحترم العالم وقوانينه ولا مجال للإستذكاء في مسار العلاقات معها ولا مكان لبيع المواقف وقبض اثمانها من محور وعملاء إيران او غيرهم لمجرد مناكفة ومعاداة المملكة ولتلك المواقف إن حدثت أثمان باهضة يجب دفعها وها هو البعض بيننا يدفعها!. وتلك هي الحقيقة.
أخيراً لا يمكن فهم اعتذار المانيا الصريح للمملكة ومن مقر الأممالمتحدة بغير انه درس فهمته برلين من صفعة الرياض لأُتاوا وقبلها استكهولم، ومؤخراً لمدريد وإن بشكل مختلف. ولا شك ان البقية وخاصة على الساحة الاوربية استوعبوا الدرس وأدركوا ان السعودية لن تتعاون مع من لا يحترم سيادتها وشعبها ونظامها وثوابتها.
لكن هل استوعب ذلك الجار القريب القطري او قرأ أو تابع؟ الوزير محمد عبد الرحمن هل اتاك خبر اعتذار المانيا، وكم قبض صديقك “زيغمار” وحزبه من معاليكم؟!، ياللمصيبة وياللعار، فضحتمونا بين الأمم.