يشد المواطن هليل بن رزق الله الحارثي الرحال في كل صيف من أعالي جبال محافظة الطائف ، حتى يصل إلى قمم جبال السودة ، ليحيك بيديه الملبوسات والثياب الحجازية والعسيرية . بدأت قصة الحارثي قبل ٢٥ عام حينما كانت والدته تحيك الملابس الحجازية ، و ” السدو ” وهو أحد أنواع النسيج البدوي التقليدي الذي ينتشر في التقاليد البدوية، وخاصة في شبه الجزيرة العربية ، وغالباً ما يستخدم وبر الجمل أو شعر الماعز أو صوف الغنم لحياكته ؛ ويستعمل السدو لحياكة الخيمة البدوية المعروفة ببيت الشَعر، التي تحمي من حرارة الشمس وبرد الصحراء في الليل. ويقول الحارثي إن والدته كانت تحتاج إلى من يساعدها فلم يكن بمقدورها العمل لوحدها ، مما جعلها تستعين بابنها ، وهو ما تسبب في تعلمه المهنة وأجادتها باقتدار حتى أصبح يحترف صناعة الأنوع المختلفة من تلك الملبوسات والمفروشات الحجازية بل تعدى ذلك إلى حياكته الثياب العسيرية باتقان. وفي ركنه الخاص بالقرية التراثية في سودة عسير يقول الحارثي إن الثوب المالكي هو أكثر الثياب التي تستغرق منه وقتاً طويلاً في الخياطة اليدوية حيث يقضي في حياكته ٢٠ يوماً متواصله لكونه ثوب من الحرير الخالص، وعلى النقيض منه يستغرق نسج الثوب المستوحى من تراث بني ساعد مدة أسبوع واحد فقط. وتستقبل الزائر للركن الألوان الحجازية والعسيرية والتي تتوائم في كثير من التصاميم والألون ، رغم أن لكل منها ما يميزه ، حيث يعرض الحارثي الثياب الحجازية كثياب بلحارث وبني مالك والهدا من الطائف وبعض الثياب العسيرية ، ويصنع الأطواق النسائية التي كان نساء الحجاز يستخدمنها والمكحلة والميداليات القديمة . وتحتوي بعض منتجاته على اللؤلؤ والحرير والستن والصب ، ويضم معرضه البرمس المصبوب ، ونقاط الصب الشبيهة بالنحاس والتي تصاغ وتصنع يدوياً بالأبره وأزياء تُلبس على رؤوس النساء ، والحُسكل المستخدم لحمل الأغراض بمثابة الحقيبة ، و حاك الحارثي الأحزمة النسائية المحتوية على الفضة والتي تزدان بها النساء في الأفراح والمناسبات سابقاً ، حيث ينظم الحزام في خيوط من القماش الأبيض . يجدر بالذكر أن الحارثي شارك في عدة مناسبات ومهرجانات وطنية أبرزها مهرجان الورد في الطائف وسوق عكاظ والخفجي والسودة . من جانب ذو صلة ، اختارت البائعة أم يزيد أن تبيع المنتوجات القديمة والحديثة في معرض مزج بين الماضي والحاضر في القرية التراثية بالسودة لتحقق تطلعات زبائنها فكبار السن يفضلن الشالكي العسيري والمخامل ، بينما يفضل الجيل الجديد التصاميم الحديثة التي لا تخلو من لمسات الماضي وإن طغت فيه التصاميم الجديدة إلا أن للتراث العسيري بصمته ، وتعمل أم يزيد في هذه المهنة منذ عامين ، وتستعين بمصممة ، مؤكدة أن مهرجان أبها يجمعنا كان فرصة مميزة لها لتبيع منتجاتها على زوار القرية إلى جانب الأسر المنتجة الأخرى التي منحتها أمانة منطقة عسير أكشاكاً مجانية للبيع .