غيّب الموت يوم أمس الاستاذ الفاضل والمربي الحنون احمد بن حسن ( رحمه الله ) الذي تشرفت بكوني أحد تلامذته بالمدرسة الابتدائية بقرية الباحة ، والموت حق على كل حيّ ، وهو مصير المخلوقات جميعها ، فلا يبقى إلا وجه ربك ذي الجلال والإكرام ، ولكن الفقد يكون أكثر إيلاماً ، حين يتعلق باشخاص لهم في وجدانك مكانا ، وفي ذاكرتك مستقرا ، والأستاذ احمد حسن من الأفاضل الذين لهم محبة وتقدير ، لا ينقص مع مرور السنين ، وتتابع الأعوام . والنَّاس في علاقاتهم وبقائهم بالذاكرة على نوعين : نوع تشرق بِه الذاكرة كالصبح الطاهر الندي فترتاح به النفس وتهدأ له الروح . ونوع تظلم بِه الذاكرة ، فيأتي كالدخان الذي يعمي العيون ويُزكم الأنوف . وأستاذي الفاضل احمد حسن كان كإشراقة الشمس الدافئة في يوم ربيعي ، وكيف لي ان أنسى ذلك الوجه الطيب البشوش الذي يُذهب عنا رهبة المدرسة ، والخوف من المعلم ، الذي لم يكن حينذاك إلا الرعب الذي يستولي على وجدان الطلاب ، حيث له صلاحيات الضرب والمنع من الانصراف حين ينصرف الناس ، سوى المربي احمد حسن ( رحمه الله ) لم يكن إلا الأب الحنون الذي نتشفع به لدى ادارة المدرسة ومعلميها الأشدّاء ، للتخفيف عنا ، حين يشتد بِنَا العقاب ، ولقد كان اليوم الذي يغيب فيه المربي الفاضل أبو محمد تغيب فيه الرحمة والشفقة من المدرسة . لقد كان رحمه الله سابقا لعصره ، علمنا كيف نقاوم الرهاب الإجتماعي الذي خيّم علينا لقاء مجتمع انتقادي ، لا يرى من صغاره إلا الجهل والاستخفاف ، فيأتي معلمنا الفاضل يشجعنا أن نتكلم وأن ننزع الخجل مما ليس فيه عيب ، وكان رحمه الله يردد عبارة راسخة بعقولنا ( الخجل دون عيب ضعف يا ولدي ) وَمِمَّا اعترف بِه أنني كلما شاهدت وجهه الطيب اعود لطفولتي ، فأشعر بصغري ، وجهلي ، وحاجتي الى المزيد من التعلم منه . إن عزاءنا في معلمنا الفاضل هو حبّ الناس وترحمهم عليه ، والدعاء له . رحمه الله رحمة الأبرار ، وجعله من ورثة جنة النعيم ، وجزاه عما قدمه من اخلاص بخير ما يجزي به عباده الصالحين ، وأولياءه المتقين . المستشار / احمد عيد الحوت