اكد العاهل المغربي الملك محمد السادس "تمسكه بمواصلة تحقيق الاصلاحات الهيكلية"، في وقت شهدت فيه البلاد تظاهرات حاشدة مطالبة باصلاحات سياسية واجتماعية في المملكة. وقال الملك خلال مراسم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي في مدينة الدارالبيضاء الاثنين اننا "نعطي دفعة قوية للدينامية الاصلاحية التي أطلقناها منذ تولينا أمانة قيادة شعبنا الوفي في تلازم بين الديمقراطية الحقة والتنمية البشرية والمستدامة". وهذه هي المرة الاولى التي يتم فيها تنصيب هذا المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي يمثل هيئة استشارية اقرها الدستور وحدد مهمتها بإعطاء اراء استشارية حول التوجه العام للاقتصاد وتأهيله. وفي مخاطبته المجلس طالب العاهل المغربي المجلس ب "إيلاء العناية القصوى لبلورة ميثاق اجتماعي جديد قائم على تعاقدات كبرى". وشدد على ضرورة أن تكون هذه التعاقدات "كفيلة بتوفير المناخ السليم لكسب رهان تحديث الاقتصاد والرفع من تنافسيته وتحفيز الاستثمار المنتج والانخراط الجماعي في مجهود التنمية وتسريع وتيرتها بغية تحقيق التوزيع العادل لثمارها في نطاق الإنصاف الاجتماعي والتضامن الوطني". 5 قتلى في الاحتجاجات وجاءت كلمة العاهل المغربي غداة تظاهرات شارك فيها الآلاف بعدة مدن في المغرب بينها الدارالبيضاءوالرباط للمطالبة باصلاحات سياسية في المملكة. وأعلن وزير الداخلية المغربي الطيب الشرقاوي عن مقتل خمسة أشخاص في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد أمس. وقال الشرقاوي في مؤتمر صحفي عقده الاثنين في العاصمة الرباط ان السلطات عثرت على خمس جثث متفحمة لأشخاص بداخل إحد البنوك التي تم إحراقها من طرف عناصر مجهولة وان تحقيقا يجري لمعرفة ملابسات الحادث. وكان قد خرج أكثر من الفي شخص إلى شوارع العاصمة الرباط وهم يهتفون "الشعب يريد التغيير". ولم تمنع قوات الأمن المشاركين في المسيرة من التوجه إلى مقر البرلمان، وهم يرددون شعارات من قبيل "نرفض دستورا أعد للعبيد". وفي الدارالبيضاء، اكبر مدن البلاد والعاصمة الاقتصادية للمملكة، خرج اكثر من الف متظاهر يطالبون ب"الحرية والكرامة والعدالة"، حسب ما أوردت وكالة فرانس برس. وكانت التظاهرات حتى منتصف يوم الأحد سلمية. وصرح طالب من بين المتظاهرين في الدارالبيضاء طلب عدم الكشف عن اسمه "اريد ان يكون المغرب اكثر عدالة وأقل فسادا". وقال طالب آخر يدعى ابراهيم "نحن لسنا ضد الملك، ولكننا نريد المزيد من العدالة والوظائف". وانضم الاف الشبان المغاربة الى حركة "20 فبراير" على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك التي تدعو الى تظاهرات سلمية للمطالبة بوضع دستور جديد يحد من صلاحيات الملك ومزيد من العدالة الاجتماعية. ويقدر عدد من اجتذبهم نداء الحركة بما يناهز 19 ألفا. ويقول المحللون إن المغرب يتمتع –على عكس باقي البلدان التي تشهد أو شهدت احتجاجات- باقتصاد ناجح، وببرلمان منتخب، وبملكية تسعى إلى إدخال إصلاحات سياسية، ما يجعله أقل عرضة لانتفاضة كبيرة. وقال عبد الحي المودن المحلل السياسي لبي بي سي: "إن معظم ما يطالب به هؤلاء الناس والمنظمات شيء مألوف على الساحة السياسية المغربية منذ مدة: التغيير السياسي، الحربة، الإصلاح، تغير الدستور". ويقول مراسل بي بي سي السابق في المغرب ريتشارد هاملتون، إن السلطات المغربية تسمح بتنظيم المظاهرات، كما أن اقتصاد البلاد يشهد نموا، وقد تعهدت الحكومة بمضاعفة دعم المواد الغذائية الضرورية. ولكن المشاكل، يضيف المراسل السابق، تكمن تحت السطح بسبب وجود أعداد كبيرة من الشباب العاطل والفقير، وبسبب الفوارق الفاحشة -حسب تعبير أحد المحللين- بين الطبقتين الغنية والفقيرة، إضافة إلى أن الانتخابات النيابية ليست إلا ورقة توت تُستخدم للتستر على نظام غير ديمقراطي. وكان الاتحاد الأوروبي قد دعا السلطات المغربية إلى توزيع عادل لثمار التنمية الاجتماعية في المغرب.