شيّعت الطائف جثمان المواطنة "أم سعد"، التي راحت ضحية غدر واغتيال عاملتها الاثيوبية التي تدعى "قنت" في قرية السدين بمحافظة ميسان (150 كلم جنوبي الطائف)، وشهدت الجنازة التي تمت الصلاة عليها في جامع عبدالله بن العباس، ثم تم نقلها لتوارى الثرى في مقبرة "ريع السلف"، الواقعة في وادي بوا جنوبي الطائف، حضوراً كثيفاً، وتزاحماً لم يسبق له مثيل، من مسؤولين ومواطنين ممن تعاطفوا مع الحادثة المؤلمة التي تعرضت لها الفقيدة غدراً على يد مكفولتها الاثيوبية. وظهر زوجها عوض الحارثي متماسكاً محتسباً صابراً، إلاً أن وداعه الأخير لزوجته، عندما وقف على قبرها، بعد أن تم دفنها، وودعها بعبارات صادقة بالغة الأثر، مطالباً الجميع أن يدعون لها، مسترسلاً في عبارات التوديع التي ضج معها المشيعون بكاءً ونحيباً. ويظل ابنها "عبدالرحمن" من أكثر ذويها صدمة؛ نظراً لهول الموقف الذي وقف عليه وشاهده عندما كان عائداً من عمله فدخل المنزل، ووجد أمه تصارع الموت وتسبح في بركة من الدماء في غرفتها، وهي في الرمق الأخير من الحياة، وهو أقسى منظر إنساني ممكن أن يشاهده المرء في حياته، حيث حاول إسعافها ونقلها للمستشفى إلا أنها لفظت أنفاسها بين يديه، دون أن تتمكن من توديعه أو النطق بكلمة واحدة له، ذلك بعد أن سددت لها عاملتها 8 ضربات قاتلة بفأس حديدي في مؤخرة الرأس وهي ساجدة في صلاة الضحى، وصائمة تطوعاً، وهي صدمة نفسية عنيفة، تجرع الابن البار بأمه آلامها ومرارتها، وهو ما يعتبره موقفاً من الصعب نسيانه؛ إذ أنه من الصعب غياب هذا المشهد الدموي عن ذاكرته، خصوصاً أن الضحية والدته. يذكر أن القاتلة، وهي أثيوبية الجنسية وتعتنق الديانة المسيحية، قد اعترفت بجرمها، وصدقت أقوالها شرعاً، وتم تمثيل الجريمة على أرض الواقع، وأكدت أنها تخطط وتتحين الفرصة لقتل الضحية منذ خمسة أشهر؛ لتترك خلفها قصة مأساوية صعب تأطيرها. من جهته أكد الدكتور أحمد الهزاع (أستاذ علم نفس جنائي) أن مثل هذه الجرائم تبرهن على عدوانية فجة متأصلة، في بعض النفوس، وهذا يدفعنا إلى فتح ملف "العمالة" الإثيوبية مجدداً، خاصة الإناث منهم، مناشداً الجهات المسؤولة بعدم السماح بدخول "الخدم" إلى المملكة إلاً بعد التأكد من صلاحيتهم للعمل الذي استقدموا من أجله، وأضاف يقول: ينبغي أن تصاحب هذه الإجراءات حملات إعلامية متنوعة يتم خلالها بث رسائل توعوية بلغات عدة لكل العمالة التي تمثل جنسيات مختلفة، ويتم خلالها تنوير هذه العمالة إلى طبيعة المجتمع السعودي، بالإضافة إلى حث مكاتب استقدام الأيدي العاملة على حسن الاختيار خلال الاستقدام؛ ليشعر المواطن بالأمان في منزله ومع مخدومته أو خادمه.