حذر خبراء نفسيون من تزايد حالات العنف الأسري ضد الزوجات والأطفال بالمملكة خلال السنوات الماضية، وطالبوا خلال اللقاء المفتوح الذي عقد بقاعة صالح التركي بالمقر الرئيسي للغرفة البارحة، بضرورة رفع الوعي لدى جميع فئات المجتمع، وتضافر الجهود بين جميع الجهات المعنية لمعالجة هذا الوضع الخطير والخروج من المأزق الذي قد يكلفنا كثيراً من الخسائر على الأجيال القادمة. وقال الدكتور مسفر المليص رئيس لجنة الصحة النفسية بغرفة جدة، خلال اللقاء الذي نظمته اللجنة واستمر على مدار ساعتين في ذكرى مرور (20) سنة على أول يوم عالمي للصحة النفسية، إن الذكور يتعرضون للعنف أكثر من الإناث لأنهم بطبيعة الحال أكثر ميلا للعنف وتصعب السيطرة عليهم وهم في حالة غير طبيعية من الهياج النفسي. واعتبر الإحصائية الأخيرة الواردة من الشؤون الاجتماعية لتعرض (45%) من الأطفال في المملكة للعنف خطيرة وتدل على خلل في المجتمع السعودي يحتاج إلى وعي ويقظة لعلاجه، وشدد على ضرورة معالجة الوضع الراهن، خصوصاً من قبل القائمين على وزارة التربية والتعليم، لوجود شريحة كبيرة من الطلاب الذين يتعرضون لألوان من التعنيف اللفظي والجسدي، سواء داخل المدارس أو حتى في المنازل. وأفاد المليص بأن العنف هو السلوك الذي يقوم به أحد أفراد الأسرة دون مبرر مقبول، ويلحق ضررا ماديا أو معنويا أو كليهما بفرد آخر من نفس الأسرة، منها الضرب بأنواعه، وحبس الحرية، والحرمان من حاجات أساسية، والإرغام على القيام بفعل ضد رغبة الفرد، والطرد والسب والشتم والاعتداءات الجنسية والتسبب في كسور أو جروح جسدية أو نفسية. وألمح الخبير النفسي إلى أن العنف الذي غالبا ما يكون من الزوج سواء تجاه زوجته أو أبنائه أو تجاههما معا، ونادرا ما يكون العكس. وقد يكون من الزوجة تجاه أبنائها أو يكون من زوج الأم أو زوجة الأب تجاه الأطفال فاقدي الأبوين أو فاقدي أحدهما إما بموت أو طلاق، مشدداً على ضرورة وجود ضوابط وإجراءات أمنية تكفل التخفيف أو القضاء على هذا التعنيف. وكشف المليص عن نسب بعض المعنفين من المجتمع، حيث إن الوالدين يشكلان النسبة الأكبر من المعنفين للأطفال بنسبة 74%، وتوزعت نسبة 14% من المعنفين بين الإخوة والمعلمين والعمالة المنزلية والمعنفين الغرباء، فيما بقي المعنف مجهولا في 12% من الحالات. كما بلغ متوسط أعمار الأطفال ضحايا الإساءة ست سنوات، و30% رضع دون سن العامين، و60% من الضحايا كانوا من الذكور. واتفق الدكتور محمد شاووش رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي، والاستشاري الدكتور على زائري رئيس مركز النخيل، وسليمان الزايدي الأخصائي النفسي ونائب مدير مستشفي الأمل بجدة، إضافة إلى الدكتور مسفر المليص، على أن الحلول لهذه الظاهرة تعتمد على محورين أساسيين هما علاج العنف الأسري قبل وقوعه بعلاج الأسباب المؤدية إليه عند معرفة الأسباب التي تؤدي إلى العنف الأسري والعمل على علاج هذه الأسباب فإن ذلك يؤدي إلى منع وقوعه مستقبلا وبالتالي يمكن القضاء عليه، والمحور الثاني علاج العنف الأسري بعد وقوعه وهذا يستلزم معرفة من وقع عليه العنف الأسري ومن أوقعه وما الأسباب التي أدت إلى وقوعه وما العلاج الفوري لهذا العنف وقد يستدعي معاقبة من وقع منه الاعتداء، بالعقاب المناسب الذي يوقفه عن هذا الظلم. من جانبه أكد مساعد الأمين العام لغرفة جدة المهندس محي الدين بن يحي حكمي لدى افتتاحه اللقاء المفتوح أن أهمية الصحة النفسية دفعت بيت أصحاب الأعمال إلى إطلاق أول لجنة من نوعها لتبني مشاكل وقضايا هذا القطاع المهم، ضمن (68) لجنة تابعة للغرفة تعني بهموم قطاع الأعمال، مشيراً إلى أن اللقاء يهدف في المقام الأول إلى زيادة الوعي بقضايا الصحة النفسية.. في ظل وجود أرقام خطيرة تؤكد أن عدد المصابين بالاكتئاب على مستوى العالم يتجاوز (350) مليون شخص من جميع الأعمار في جميع المجتمعات. ورحب كامل بحضور كوكبة من أبرز خبراء الطب النفسي بالمملكة لمناقشة مدى انتشار الأمراض النفسية، ولماذا الاهتمام بالصحة النفسية والحديث عن العلاقة بين التغيرات الاجتماعية والضغوط النفسية وزيادة نسبة الأمراض النفسية والاستثمار في مجال الصحة النفسية، والإدمان وتأثيراته النفسية والاجتماعية والاكتئاب، ولماذا اختارت منظمة الصحة العالمية شعار الاكتئاب أزمة عالمية واقع الصحة النفسية في المملكة وكيف نخطط لصحة نفسية أفضل للمجتمع.