تشهد محلات بيع الأسماك يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع ارتفاعا في مبيعاتها تتجاوز 50 % عن مبيعات بقية الأسبوع وبخاصة يوم الجمعة. وتزداد المبيعات في عطلة نهاية الأسبوع نظرا للإقبال الكبير على محلات الأسماك، وبخاصة من السعوديين الذين يفضلون استبدال وجبتهم الرئيسية يوم الجمعة بالأسماك، وذلك للفوائد الصحية عن بقية اللحوم. وباتت أمراض العصر تسبب هاجسا لدى كثير من الأسر السعودية، والتي تحاول جاهدة تخطي بعض سلوكيات الأكل، وبخاصة تلك الوجبات التي تمتلئ بالنشويات والدهنيات. وربما تستغل بعض الأسر في المنطقة الوسطى تحديدا بعض الأيام والمناسبات لتغيير نمط الغذاء لديها، حيث تشهد الأسماك إقبالا جيدا في أيام العطل الأسبوعية وبخاصة يوم الجمعة. وتشهد المحلات زحاما بعد انتهاء صلاة الجمعة من كل أسبوع وحتى وقت صلاة العصر، حيث يرتادها كثير من السعوديين والمقيمين بحثا عن السمك الطازج، ليكون الوجبة الرئيسية ليوم الجمعة، فيما يفضل البعض أن يكون السمك في وجبة العشاء. وفي جولة على عدد من محلات الأسماك أوضح عدد من العاملين فيها أنهم يبذلون قصارى جهدهم يومي الخميس والجمعة، وبعضهم يستعين ببعض العمالة التي غالبا تكون في إجازة يوم الجمعة، وذلك لتلبية الطلب المتزايد من الزبائن بعد صلاة الجمعة. والمعروف أن تناول الأسماك والدعوة لمأدبتها ليست غريبة وتعتبر مألوفة لدى سكان الساحلين الشرقي والغربي، بل إن أول ما يحاول ساكن السواحل السعودية تقديمه لضيفه القادم من وسط أو شمال السعودية هو السمك. ولم يكن مألوفا أن يولم أحد من سكان المناطق الوسطى والشمالية أسماكا بدلا من اللحم "المفاطيح" أو الكبسات، ولكن ربما لكثرة النصائح التي توصي بتناول السمك ولو لمرة أو مرتين في الأسبوع، كان لها تأثير على سكان المناطق الصحراوية في السعودية. ويعزو بعض مرتادي محلات الأسماك أسباب توجههم إليها في نهاية الأسبوع، إلى ظروف المكان، حيث يكون معظم أفراد العائلة متواجدين في وقت واحد، إضافة إلى إمكانية دعوة بعض الأقارب لتناول وجبة الغداء أو العشاء من السمك، والأهم من ذلك أن يوم الجمعة يعتبر راحة لدى كافة شرائح المجتمع السعودي. ويقول موسى إبراهيم النبهان وهو ضابط متقاعد، انه يتوجه معظم أيام الجمع إلى سوق السمك في شارع الوشم وسط الرياض، ليختار بنفسه أنواع السمك الطازج، وبالأحجام التي يراها مناسبة. ويضيف النبهان أن كثرة ارتياده لسوق الأسماك أعطته خبرة واسعة في معرفة السمك الطازج، وحتى مواسم بعض الأسماك كالربيان باتت معروفه لدى معظم مرتادي محلات الأسماك. وعن طريقة معرفة الأسماك والطازج منها، يوضح النبهان أن السمك الطازج تكون رائحته مقبولة غير كريهة وعيناه لامعتان ( العيون تكون لامعة في حال إذا كان السمك طازجا)، وأن يكون لحمه متماسكاً وصلباً عند اللمس، وأن تكون الخياشيم ذات احمرار والزعانف صلبة، وفي الأنواع التي ليس بها قشور كالبياض والقراميط يجب أن يكون الجلد أملس غير متجعد، وكذلك في الأنواع ذات القشور مثل البلطي يجب أن تكون كثيرة القشر. ويفضل النبهان في الغالب الذهاب إلى سوق السمك في وسط الرياض في منطقة "الوشم"، حيث تكون الأسعار أقل من المحلات التي تبيعها. فيما يستبعد أبو ناصر فكرة الذهاب إلى سوق وسط الرياض للبحث عن الأسماك الطازجة، مؤكدا أن المحلات الصغيرة المنتشرة في شوارع الرياض تفي بالغرض وتغنينا عن مشقة الذهاب إلى وسط البلد. في حين يرى ناصر العبيد وهو ممن يفضل السمك يوم الجمعة، أن ما يميز محلات بيع الأسماك هو "القلي" الذي تقوم به، حيث إنه يغني عن التجهيزات التي غالبا ما تصاحب أي وجبة في المنزل. ويطالب العبيد بضرورة أن تخضع محلات بيع الأسماك لمراقبة البلديات، خاصة يومي الخميس والجمعة وهي أيام قد يكون موظفو البلديات في عطلة، مؤكدا أن طريقة القلي رغم لجوئهم لها إلا أنها بحاجة للمراقبة الصحية. وتتميز الأسماك بغناها بالبروتينات التي تحتوي أحماضاً أمينية مهمة مثل الأرجنين والتريبتوفان وغيرها، وهي مهمة للمحافظة على أنسجة الجسم و لبناء ما يحتاجه الجسم في عمليات الترميم التي تحدث لأنسجة الجسم. ويعتبر السمك مصدراً مهماً من مصادر اليود والفوسفور الضرورية للأسنان و العظام و الدم وهو مصدر مهم للكالسيوم، ويحتوي السمك على فيتامين أ ، د الموجودة في كبد السمك. وغالبا ما ينصح أخصائيو التغذية والأطباء بتناول السمك باعتباره طعاماً مغذياً يحميهم من أمراض القلب والأوعية الدموية ويحتوي على فوائد قيمة أخرى أبرزها المحافظة على التوازن الغذائي. يندرج السمك في خانة اللحوم في الهرم الغذائي، لأنه يوازي شريحة من اللحم المشوي وهي مصدر جيد للبروتينات، فضلاً عن قيمته البيولوجية الكبيرة لاحتوائه على جميع الأحماض الأمينية، الضرورية لنمو الجسم وتجدد الخلايا. ومن منافع السمك الأخرى أنه يحتوي على الحديد الحيوانيّ المصدر الذي يمتصه الجسم بشكل جيد. وللسمك أنواع لا تعد ولا تحصى، ولا يعرفها غير خبراء الصيد والمناطق المحيطة بالبحار، فهناك أسماك لها مسميات في دول الخليج العربي معروفة، فيما يطلق عليها أسماء أخرى في مناطق أخرى من العالم. وتتحكم فصول السنة ودرجة الحرارة بأسعار السمك، حالها حال أسعار الأغنام والجمال التي ترتفع بمدى وفرة الربيع وبفصول السنة. فأسعارها في الشتاء مرتفعة ويقل المعروض منها لأن السمك يدخل في أعماق البحار بحثا عن الدفء، فيما تنخفض أسعارها صيفا. وأبرز الأسماك التي يقبل على شرائها سكان العاصمة السعودية هي: الكنعد، الشعور أو الشعري، الهامور، العنبر أو سلطان ابراهيم، الناجل، البياض، العربي، الزبيدي، الصافي، البوري، البليطي، وغيرها من الأسماك الأخرى، بالإضافة إلى الروبيان.