بعد أيام قلائل يحلّ على الأمة الإسلامية ضيف عزيز , وشهر مبارك كريم , ومِن حكمة الله سبحانه أن فضَّل بعض خلْقه على بعض , وفضَّل بعض الأمكنة على بعض، وفضَّل بعض الأزمنة على بعض، ففضَّل شهر رمضان على سائر الشهور، فهو بين الشهور كالشمس بين الكواكب، واختص هذا الشهر بفضائل عظيمة ومزايا كثيرة: فهو شهر الهدى والفرقان, فيه تفتح الجنان , وتصفد مردة الشياطين , قد أقبل بشآبيب الرحمة وسحائب الغفران , وأقبل بضياء الصبر ونور القرآن , وهو ركن من أركان الإسلام,قال تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن ْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْر َ فَلْيَصُمْهُ ) 185 البقرة , فيهِ أجل عبادة نسبَها الله إلى نفسه , قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي : ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) رواه البخاري .وفيهِ ليلة خير من ألف شهر. إنها ليلة القدر خير من (83 ) سنة , قال تعالي : (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر. من قامها إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه , قال صلى الله عليه و سلم : ( من قام ليلة القَدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . و يَكثر نزول الملائكة فيك يا رمضان ،و فيك وقعتْ غزوة بدر الكبرى التي تنزَّلت فيها الملائكة للقتال مع المؤمنين، فكان النصر المبين للمؤمنين بإذن الله، وفتْح مكة الذي انبثق منه نور الإسلام إلى مشارق الأرض و مغاربها ، ونصَر الله رسوله, و أذل الشرك و أهله ,و دخل الناس في دين الله أفواجًا . وفيه صلاة التراويح، حيث يجتمع لها المسلمون رجالاً ونساءً في بيوت الله تعالى لأداء هذه الصلاة، و فيه تضاعف الحسنات , و تكفَّر الخطايا , قال صلى الله عليه و سلّم : ( الصّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ ) رواه مسلم. فالصيام يهذّب النفوس , و يحفظها من أسقام القلوب كالغيبة و الحسَد و النميمة , و يجنّبها زلات الجوارح كعثرات الألسن , والسمع و النظر الحرام , فأنت فرصة خير وتدريب، وفرصة المسلم للتزود بزاد التقوى والإيمان , و مجاهدة النفس و مساعدة الفقراء و المحتاجين ,فيشاركهم آلامهم ,فيكون المجتمع متعاونًا على البر والتقوى ؛ تتجسَّد فيه الوَحدة الإسلامية. أ/عبد العزيز السلامة/أوثال