عدت يا رمضان، وعادت أيامك ولياليك، أيام مشرقة بطاعة الله، وليالي معطرة بذكر الله ، بدأت أنوارك تعم أرجاء الزمان والمكان، نستشعر من خلالها نفحات ربانية،فما أشبه الليلة بالبارحة ، وما أسرع مرور الأيام والليالي ، كنا نعتصر ألماً لوداع أيامك ولياليك ، وها هي الأيام والليالي قد مرت بنا ونحن في استقبالك من جديد ، بفرحة العازمين على نيل الأجر من رب العلمين .أهلاً بك يا شهرُ الصوم يا من أوجب الله على عباده صيامه وسن نبيَهُ عليه الصلاة والسلام لأصحابه وأتباعه قيامه. مرحباً بشهرٍ أنزل فيه القرآن، قال تعالى :{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}البقرة:185 شهرٌ تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين ، فلا يصلون ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه من قبل، قال صلى الله عليه وسلم: { إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين }، وفي رواية: { إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة } البخاري. في رواية : ( إذا كان أول ليلة في شهر رمضان صُفِّدت الشياطين ومَرَدَة الجن ، وغلقت أبواب النار فلم يُفتح منها باب ، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر . ولله عُتقاء من النار وذلك كل ليلة ) . وحسنه الألباني في صحيح الجامع شهرٌ فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله تعالى فيها ما سيكون خلال السنة، فمن حرم أجرها فقد حرم خيراً كثير، قال صلى الله عليه وسلم: { فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم } رواه[أحمد والنسائي]. ومن قامها إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، قال صلى الله عليه وسلم:{ من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه }متفق عليه فياله من عمل قليل وأجره عظيم عند رب العالمين . وأنه سبب من أسباب تكفير الذنوب والخطايا، قال صلى الله عليه وسلم { الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر } رواه مسلم . وفيه تضاعف الأعمال عن غيره، فلما سئل عليه الصلاة والسلام أي الصدقة أفضل قال: { صدقة في رمضان } الترمذي والبيهقي . حقاً أنك يارمضان شهر الخير فيك يكثر الخير وأهل الخير، وإقبال الناس على المساجد جماعات وفرادى ، فيه بذل وجود : يُعطي الغنيّ فيتخلّص من شحِّ نفسه ، ويأخذ الفقير شاكرًا نعمة ربّه .فيه البرٍّ ، وصلة الرحم ، فيه مجتمع مترابط ومتعاون ، فيه جهاد وتضحية ، وتوحيد للصفوف ، فيه تهذيب للنفس ، وتربية للروح ، وغرس للمبادئ والقيم وفيه تنقية للقلوب ، تجد الكلّ يسعى دون كَلَل ، راغبًا في جنّةٍ غالية . أخوتي في الله شهرٌ هذه خصائصه وفضائله، ينبغي علينا معشر المسلمين إستغلال فرصه وإستثمار أوقاته فيما يعود علينا بالنفع والفائدة والأجر العظيم من رب العالمين . وهناك واجبات كثيرة علينا القيام بها تجاه هذا الشهر الكريم . ولكن ..! من المؤسف أن نجد البعض من إخواننا وقد حرم نفسه الأجر والمغفرة في رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له " رواه مسلم . أحبتي : أنتم يامن تتسابقون إلى الأسواق لشراء مالذ وطاب من الطعام والشراب جُلّ همكم أن تكون موائدكم عامرة بمختلف الأصناف طولها بالأمتار لايوجد فيها متسع لكوب من الماء أقول هنيئاً لكم طعامكم وشرابكم ، ولكن عندما تجتمعون على موائد إفطاركم تذكروا إخوانكم الفقراء والمحتاجين ولا تذهبوا بعيداً فمن أقاربكم وأصدقائكم وجيرانكم من هم في.حاجة لشئٍ يسير مما تحتويه موائد إفطاركم والتي أسرفتم في إعدادها دون أن تؤكل ومصيرها معروف . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء } حسن صحيح رواه الترمذي وغيره . وانتم : يامن تخلفتم عن صلاة التراويح والقيام وتسابقتم ، في اختيار ملبوساتكم وتغيير أثاث منازلكم وديكوراتها وألوانها مع أن بعضها لم يمضِ على تغييرها سوى أشهر قليلة هل تذكرتم الأيتام والفقراء وتأملتم من يجب علينا كسوتهم ، هل نظرتم إلى بعض المساجد بيوت الله التي لم تصل إليها وزارة الأوقاف وشئون المساجد كم هي بحاجة لفرشٍِ نظيف وإصلاح الإنارة والتكييف وما أعظمهُ من أجر مقابل خدمة بيوت الله . أين أنتم يامن تستطيعون تقديم العون والمساعدة أين أنتم يا أصحاب الأموال يامن تؤخرون إخراج زكاة أموالكم إلي رمضان لتخرجونها بدلاً من الصدقة أغتنموا رمضان يبارك الله لكم في أموالكم ويضاعف حسناتكم إنه الرزاق الكريم ذو الفضل العظيم . لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ = فلا يُغرُّ بطيب العيش إنسانُ هي الأمورُ كما شاهدتها دُولٌ = مَن سَرَّهُ زَمنٌ ساءَتهُ أزمانُ وهذه الدار لا تُبقي على أحد = ولا يدوم على حالٍ لها شان كتب الإمام الحسن البصري -رحمه الله- عن شهر الصيام قائلاً:" إنّ الله تعالى قد جعل رمضان مضماراً لخلقه، يَسْتَبِقُونَ فيه بطاعته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا فالعجب للضاحك اللاّعب في اليوم الذي فاز فيعه المسارعون، وخابَ فيه الباطلون . عباد الله اجتهدوا أن تكونوا من السابقين ولا تكونوا من الخائبين، في شهر شرَّفَهُ ربّ العالمين. 1 [email protected]